استكملت القوائم والتحالفات الانتخابية تشكيلها، وقدمت مرشحيها، ولم تختلف طبيعة اغلب التحالفات من حيث الجوهر، عن طبيعة سابقاتها التي تسببت بازمات النظام السياسي واحتقاناته، كما ان التغير في المظاهر التي اضفاها بعض التحالفات على نفسه لم يقلل من وضوح اعتمادها البعد الطائفي في مناطق الوسط والجنوب، والقومي في اقليم كردستان. وتصدر اغلب زعماء المحاصصة القوائم الانتخابية، كمن يقولون: ها نحن باقون جاثمون على صدر القرار السياسي في العراق. وكأن لا مفر ولا مخرج عن المحاصصة وما انتجت من فساد وخراب، ثم كأن العراق قد خلا من الشخصيات الوطنية الكفوءة والنزيهة.
ان قوى المحاصصة والفساد لا تتورع عن استخدام جميع الاساليب من اجل بقائها في السلطة، ولا تتوانى عن حشد كافة طاقاتها، وإنفاق ما يمكن من الاموال التي اكتنزتها عبر صفقات الفساد، بهدف ادامة هيمنتها على السلطة. السلطة التي تؤمّن لهم السكن في المنطقة الخضراء المعزولة عن بيوت الشعب، والمحمية باجراءات استثنائية، وتوفر لهم الحصانة التي تمنع عنهم الملاحقات القانونية، والاستمرار في مجلس النواب الذي يعطيهم المجال لدفن ملفات محاسبتهم.
اغرب تصريح اطلقه احد الناطقين باسم القوائم الانتخابية للاطراف التي حكمت العراق، قوله انه لا يجب ان نتحدث في الحملات الانتخابية عن الفترات السابقة، فان ذلك تاريخ ولى، وان التركيز يجب ان ينصب على عرض البرامج! يريد هذا الناطق ان يمحو من الذاكرة سنوات العذاب والخسارات والانكسارات وصفقات الفساد الكبيرة! يطلب منا قصر الحديث على برامج المستقبل، دون ان نحسب لما جرى للعراق في الماضي ونحتسب له!
لا اعتقد ان حيلة هذا الناطق ستنطلي على شعبنا الذي ابتلي بالمحاصصة والفساد، وببرامج المتنفذين الذي جربهم الشعب، وكثيرا ما تتردد الآن عبارة (المجرب لا يجرب). نعم، لا اعتقد انهم سينجحون ثانيةً في ايهام الناس بان برامجهم تستهدف القضاء على الفقر، ومحو الامية، وتطوير التعليم، وتنويع باقتصاد، وإضفاء الهدوء والاستقرار والجمال على حياتنا!
اننا لا نصدق ادعاءاتهم باحترام حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير العيش الكريم وترسيخ الامن، وتأمين كل ما يحفظ كرامة الانسان!
لقد انقضى عقد ونصف العقد من السنين وهم في الحكم، دون انجاز ما يستحق الذكر، فكيف نطمئن لبرنامج يلوحون به ووعد بتشريع قانون عادل للضمان الاجتماعي، وقانون للعمل، وقانون ينظم التوزيع العادل للثروة والسلطة في إطار الدولة؟
ابدا، لن تخدعنا برامجهم ووعودهم الانتخابية، وهم الذين سبق ان مارسوا الخديعة! ولن نثق مطلقا بمن احتالوا على شعبنا اكثر من مرة، او نصدق من فقد الصدقية..

عرض مقالات: