ليست المرة الاولى التي يحاول فيها السعوديون سرقة براءة اختراع ابتكرها العراقيون، وآخرها دفع المبالغ التي سرقها الفاسدون او جزء منها مقابل إطلاق سراحهم، وغلق ملفاتهم، في حادثة شهيرة تمت في الرياض قبل شهرين، واعتقل جراءها عدد غير قليل من المتهمين بالفساد، وبينهم امراء من العائلة المالكة نفسها، ثم احتجزوهم في فندق خمس نجوم او اكثر.
وعلى إثرها انتشرت كالنار في الهشيم عبارة او مقولة (مكافحة الفساد على الطريقة السعودية) في حين انها عراقية الاصل وليست سعودية.
ولكي نثبت احقيتنا ببراءة الاختراع هذه، امام الامم المتحدة والمجتمع الدولي، لا بد من العودة الى اليوم الذي شرّع فيه مجلس نوابنا "الموقر" قانون العفو العام في آب 2016، وفيه فقرات تشترط اطلاق سراح مختلسي المال العام اذا سددوا ما بذمتهم من اموال! ويؤكد عدد من النواب ان السيد فلاح السوداني وزير التجارة الاسبق سيطلق سراحه استناداً الى هذا القانون، في حال سدد ما بذمته من اموال، رغم انها اختارت الاستقرار في جيوبه بملء ارادتها!
كما يؤكد السيد طلال الزوبعي رئيس لجنة النزاهة البرلمانية شمول اكثر من اربعين سياسيا بهذا القانون، بعد ما سرقوا ما يزيد على (4) مليارات دولار، خلال السنوات القليلة الماضية، مبررا ذلك بقوله: " لا طريق امامنا بعد فشل كل مؤسسات الدولة العراقية في استرجاع اكثر من 1000 ملف استرداد".
فهل سمعتم شيئا اغرب من هذا القول، ومن هذا القانون؟ اما كان المؤمل والمرتجى من (ممثلي الشعب) ان يلغوا قوانين صدام حسين التي ما زالت اغلبيتها نافذة، لا ان يشرعوا قانونا اسوأ منها بكثير؟
اذن اين الدولة واجراءاتها الرادعة؟ واين القضاء؟ بل اين الحليف الامريكي الذي وعد اكثر من مرة بالمساعدة في استرداد ما سرق من الخزينة العراقية، لا سيما وان الانتربول وعد بالمساعدة الجدية ايضاً.
ولماذا توضع العراقيل وتنصب الفخاخ للناشطين المدنيين، الذين يريدون تحويلها الى قضية مجتمعية لضمان نجاحها وشل ايدي الفاسدين، كما حصل مع الناشط باسم خزعل خشان الذي لم يكتف المتنفذون بسجنه ست سنوات، ووجود دعاوى اخرى عليه لأنه تجرأ وواصل بدأب يحسد عليه متابعة ملفات الفساد المالي والاداري في محافظة المثنى، بدافع من ضميره وشعوره العالي بالمسؤولية تجاه شعبه ووطنه.
نعم لم يكتفوا بذلك، بل قاموا باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين المطالبين بإطلاق سراحه واحترام الدستور والقوانين المرعية.
كان الاحرى بهم، ولو من باب اطفاء الحرائق التي بدأت تشب في اذيالهم، تشكيل لجان تحقيق تتحلى بقدر معقول من النزاهة، للتأكد من صحة الاتهامات بالفساد. وفي حال عدم ثبوتها، يغرّم مبلغا ماليا بدلا من ان يرمى في السجن، في رسالة واضحة المرامي والاهداف، وهي تخويف الآخرين، وكل المطالبين بمحاربة الفساد.
انها اسئلة تلد عشرات الاسئلة الاخرى، مطلوب الاجابة عليها بصراحة، وشفافية، اذا كان المنادون بمحاربة الفساد جادين هذه المرة، وليس من الذين يذرون الرماد في العيون.

عرض مقالات: