قبل تسعة أعوام كانت لي الفرصة أن أجالس قيادات الحزب الشيوعي العراقي، ومعي زملاء صحفيون آخرون، وكانت موضوعة حوارنا هي الانتخابات و الإستعداد لها. وقتها استمعنا الى طيف من الآراء التي ناقشت أداء الحزب في قائمته التي يجري الإعداد لها.
وبالرغم من قساوة بعض الآراء المطروحة، إلّا أن الرأي العام في الجلسة اجتمع باتجاه بلورة سؤال مهم، جرى طرحه وهو: إذا كان الأداء السياسي، والخطاب العام الموجّه الى الرأي العام خلال الانتخابات، هو نفسه خارج موسم الانتخابات، فما هي هويّة الاستعدادات إذن؟.
وخرج الجميع أيضاً باتفاق خلاصته؛ إن" الخطاب" يجب أن يكون على مستوى التحدّي الطائفي(السائد حينها)، وأن يكون واضحاً جداً في مناهضته ذلك الخط السياسي- الطائفي المشوّه. وأن يكون خطاب الحزب(إعلامياً)على جانب متميّز جداً في ترفّعه والنأي بفكر التيار الديمقراطي بعيداً عن المحاصصة الطائفية(أمّ الرزايا وأبوها).
ومع هذا، طرحتُ سؤالا آخر برسم البحث آنذاك: إذا كان الخطاب الانتخابي سيقتصر على تأكيد الثوابت وإعادة إفهام الجمهور بها، فما هو التغيير في الأداء عنه في غير موسم الانتخابات؟.
يعني، بعبارة أخرى؛ أليس من المفروض أن تكون" الخطة الإعلامية" مستمرة ومتواصلة(وليس خلال الانتخابات)أن تضم هذه المفردات؟.
وقتها وجدت من يوافقني الرأي، وآخرين لم أتوفق في إيصال الفكرة اليهم.
اليوم، يقف الحزب على أعتاب انتخابات صعبة. ومصدر صعوبتها أنها تغرق(ومعها العملية السياسية)في مستنقع دبقٍ من الفساد المستوطن. وما كان هذا الاستيطان ممكناً لولا النظرة الانتهازية لأحزاب السلطة. وفهمها الديمقراطية على أنها(حصّة)في غنيمة.
بل أثبتت هذه الأحزاب(العقائدية في قشرتها الخارجية)أن لديها عقد شرسة ستبرر كسر القوانين، ووطء الدستور كلّما صار الامتحان قريباً. وكلما سقط لها فاسد سلكت أحد أمرين؛ فإمّا التسويف والمماطلة ومحاولة إلهاء الناس، وإمّا الاحتيال على القانون ومحاولة الهروب بأي ثمن ومعهم غنيمتهم.
هذه الملفات من الأولى أن تكون هي مادة الانتخابات ومحورها. وأن نمنع من يحاول أن يجر الجدل الانتخابي الى حكايا قديمة ومكررة عن الكفر والإلحاد والتهديد بالأصنام. الأولى ان يكون المنجز الآني للقوى السياسية، ومحاكمة هذا المنجز هو ملف الانتخاب الأول. بهذه الطريقة، ستغلق الأبواب والجحور أمام القوارض السياسية التي تنتهز هذه المواسم فتعرض بضاعتها القديمة كلّها دفعة واحدة، لعلّها تبدو جديدة في عين بعض المُغفلين.

عرض مقالات: