اذا انطلقنا من مفهوم الطاقة المتجددة، بكونها النوع الذي لا ينضب والذي يتوفر ويجدد نفسه باستمرار، واذا علمنا ان هذه الطاقة تتولد في الطبيعة حيث تكون مصادرها الرياح والشمس والكائنات الاحيائية فانها وبحكم هذه الميزات تكون ابعد عن توليد ما هو ضار وخطير في حياة البشر مثل ثاني اوكسيد الكاربون لهذا يسميها العالم بالصديقة للبيئة وللانسان فضلا عن انتاجها نوعا جديدا من النشاط الاقتصادي تحت مسمى تجارة الطاقة المتجددة.
واذا كان هذا المفهوم قد تطور وترسخ منذ القرن الماضي، وكان للعراق بدايات خجولة منذ ثمانينات القرن الماضي، فما الذي دفعه للتمسك بالطرق التقليدية ولم يستطع ان ينجح في ذلك؟ فعلى الرغم من زيادة تكاليف الطاقة المتجددة بالمقارنة مع تكاليف بعض انواع الطاقة الكهربائية المستخدمة كالطاقة الحرارية التي تعتمد على النفط الاسود الخارج من عمليات التصفية، فان العراق قد ركز على المحطات الغازية ذات الدورة البسيطة منذ عام 2006 عالية التكاليف على امل ان تتحول هذه المحطات الى الدورة المركبة ذات الاستخدام المتنوع للوقود بحسب تصريح الوزير الأسبق كريم وحيد (في مقالة نشرت على شبكة الاقتصاديين العراقيين).
غير ان التخبط في الخطط التي وضعتها وزارة الكهرباء خلال الفترة ما بعد 2003 والعقود الفاشلة التي ابرمتها مع شركتي سيمنس الالمانية و(ge) الامريكية العملاقتين التي تكبد العراق من جرائها مبالغ تزيد على خمسة مليارات دولار، فضلا عن تأثير العمليات الارهابية والفساد الذي استشرى في قطاعات التوزيع واشكاليات الوقود والهدر المالي، كل هذه كانت تشكل التحديات التي اعاقت نمو الطاقة الكهربائية وقادت الى خيار واحد هو الذهاب الى محطات التوليد الغازية عالية التكاليف في ظل عدم وفرة الوقود اللازم داخل العراق مما اضطره الى الاستيراد من ايران واهمال الاتجاه نحو المحطات الحرارية او الطاقة المتجددة.
ان انتاج الطاقة المتجددة بحكم مصادرها الطبيعية لن تتحملها وزارة الكهرباء لوحدها بل تشاركها في ذلك وزارات الصناعة والتعليم العالي والتخطيط وهذا التوزع في المهام يدعونا الى الإشارة الى ما ذهبت اليه وزارة الصناعة حيث وضعت خطة مفصلة للانتقال الى الطاقة المتجددة انطلاقا من وفرة الرمال خاصة في المنطقة الغربية بكميات تتجاوز 10 ملايين طن وبنقاوة تبلغ 98 في المائة وهي الاعلى عالميا وخاصة في منطقة كعرة باحتياطي يقدر بـ450 مليون طن ولا تقل مادة السليكا عن 95 في المائة ومن الممكن استغلال هذه المواد في صناعة الالواح الشمسية وفي مشاريع كبيرة في مجال الطاقة الشمسية لدعم قطاع الطاقة وانتاج الرقائق الالكترونية والقابلو الضوئي وكل هذا يتطلب التنسيق الكامل بين كافة الدوائر المتخصصة فضلا عن الاستغلال الامثل لتوجيهات الامانة العامة لمجلس الوزراء التي تلزم ان تكون شركة الزوراء العامة هي الجهة التي يتم التنسيق معها في نصب محطات توليد الطاقة الشمسية التي تربط تزامنيا مع الشبكة الوطنية.
ان الحكومة المقبلة مدعوة لان تضع في برنامجها من بين امور كثيرة وضع الخطط لحل مشكلة الطاقة الكهربائية وكمفصل رئيسي منها خطة وزارة الصناعة للاستثمار في الطاقة المتجددة واتخاذ الاجراءات اللازمة لتفعيل هذه الخطة نذكر منها ما يلي:
تشكيل لجنة عليا مشتركة من وزارة الكهرباء ووزارة الصناعة بمديرياتها العامة المتخصصة ووزارة التخطيط ووزارة التعليم العالي ووزارة المالية لدراسة شاملة لكافة الخطط الموضوعة بشأن الطاقة المتجددة واليات تنفيذها على المديين المتوسط والبعيد.
التوجه نحو الشراكة والاستثمار مع شركات عالمية متخصصة بتطوير تكنولوجيا انتاج الالواح الشمسية وعقد مؤتمرات تخصصية في انتاج الطاقة المتجددة والاستفادة من مخرجات المؤتمرات النوعية التي عقدتها جمعية المهندسين العراقيين.
متابعة الفريق المشكل في وزارة الصناعة المكلف بدراسة تاريخ صناعة الطاقة الشمسية والامكانيات المتوافرة من مواد اولية وخبرات متراكمة ومعوقات انتاج الطاقة المتجددة.
اعداد التشريعلات واللوائح المقتضية التي تنظم عملية الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة وتنظيم نشاط الشركات المتخصصة بالاضافة الى وضع التخصيصات المالية التي تتطلبها عمليات الاستثمار في موازنة 2019.

عرض مقالات: