قراءتي الأولى للرواية كانت في (31/ 11/ 2015)

انتهت خطاطتي الأولى عن الرواية بهذا التاريخ (17 /11/ 2022)

إلى الشاعر حسين الحسيني – طيّب الله ثراه -

(*)

ص5 تتكون من النظام المعلوماتي الخماسي

في المعلومة الخامسة (رواية كاتبة لم تسمع باسمها من قبل) تعيدني إلى المعلومة الاولى (بعد عناء وجهد بذلته في كتابة روايتها حتى الفجر، مؤجلة فصلها الاخير لظهيرة يومها) وتكملة في المعلومة الثانية ( أرادت تنهي روايتها بآخر رسالة تستلمها منه) ثم ص/11 / 13/ 29

هنا تتشقق غواية الكلمات كالتالي

  • (ما الذي كسّر أو أذاب الجليد؟ أهي اللغة/ 7) / 32
  • (أنها اللغة فحسب/ 8)
  • الحفر ثلاثيا/ 9
  • حلم الصندوق/10
  • الوطن/ المهجر/ 18الانحياز للمهجر بسبب تغلب الزمن فهي عاشت في المهجر اكثر من الوطن / عدم التأقلم 34
  • قسوة الارملة /27/ 29/29
  • لا احد ينتظرها في الشقة/ 28
  • نادية ابنة الكاتبة ومشكلتها/ 30
  • وظيفة القميص الفيروزي: فاعلية الماء الدافئ: هي استعادة المفتقد، من خلال يقظة أحلام الماء يخبرنا السارد العليم(غطست في حوض الحمام شاعرة بلذة الدفء بعد نهار ماطر موهن للجسد والأعصاب.. وكانت تشعر وهي تدعك جسدها بأنها تستعد لدخول سرير يشغله رجل بانتظارها/ 31) لدي نسق ثلاثي للماء: المطر: مزدوج قيمي ذات نتائج سالبة:

موهن: للجسد----------------  موهن للأعصاب.

النسق الثاني : هو ماء الإسالة الدافئ في الفضاء المغلق / ينعش الروح والجسد والمخيلة .. وصولا إلى ماء الصلب والترائب: وهذا هو الماء الثالث. ثلاثية الماء كأنها فروض للقميص الفيروزي، المتراكم في تلافيف لا وعي أمنية بشهادة السارد العليم

(فتحت الخزانة ومن دون وعي منها امتدت يدها لتلتقط قميص نومها الحريري ذا اللون الفيروزي الطويل الذي ارتدته آخر مرة مارست الحب فيها مع زوجها/ 31)

(*)

في  (6/ 12/ 2023)

تركتُ خطاطتي وتعقبت علامات الكتابة وأكملت ما توقفت عنده بقراءة جديدة للرواية.  ومنها ينهض سؤالي :هل هذه الرواية تتناول جانباً آخر من حياة المؤلفة؟ والسؤال الثاني: هل نحن أمام رواية داخل رواية؟ لكن رواية الأرملة هو عنوان رواية المؤلفة اعتقال الطائي؟..  أن أسلوب الكتابة في رواية (الأرملة) كان أقرب إلى أسلوبية الحكي الذي ينقل الخبر ومن جهة أخرى رجحت كفة الحوار بين الشخوص

 

(*)

يوم مغادرة أمنية إلى هنغاريا، تهديها خالتها حذام مرآة ً وتخاطبها:

(أمنية عزيزتي.. خذي هذه المرآة ذكرى مني.. كلما نظرت فيها تذكريني !!/  153) هدية الخالة تكسر النسق بنرجسية جاحظة. تريد أن تكون هي  المرئية في المرآة وليس أمنية!! وحين تتحدث أثناء وصولها إلى مدينة براغ أمام الأصدقاء وتنحدر دموعها، تخرج مرآة حذام وتمسح أثر الكحل السائل مع دمعتها تردد وصية خالتها بصوت يٌسمع ( تذكريني كلما نظرتِ في المرآة!/ 154) هنا أمنية تمسرح ُ المشهد،  وإذا كان القارئ يعرف مصدر الوصية فالأصدقاء في براغ لا يعرفون. وهكذا يكون المشهد لا يخلو من الإثارة.

(*)

 الفضاء الروائي من البدء إلى الختام أمنية هي الجميلة الوحيدة في كل الأمكنة وبسبب جمالها تطاردها السلطة لا لسبب آخر. .في هنغاريا وهي في السادسة والستين، حين تقصد المنتجع (شعرت بأن عيوناً تتفحصها، لِم لا؟ فهي المرأة الأنيقة التي لا تزال تحتفظ بجاذبيتها لدى الرجال/ 13) ما بين القوسين هو كلام الطبيب الذي تراجعه، ألا يعتبر هذا الكلام من باب المجاملة؟ فكيف أصبح كلام الطبيب سحراً، فجعلها (تشعر بذلك.. وهل أصبحت الأنثى فيها التي جعلت بنفسها هوة سحيقة تفصل بينهما على مر السنين، تفيق من سباتها الآن؟؟!)..وفي ص15 وأمنية ما تزال في المنتجع يخبرنا السارد( لم تنقطع نظرات الرجال عنها طوال فترة إقامتها في المنتجع)!! السؤال هنا هل أمنية هي المرأة الوحيدة في المجتمع؟ أم هي أجمل امرأة في المنتجع؟ السارد لم يخبرنا بوجود أخريات ربما طردهن السارد. حتى تكون أمنية كما تريد هي أن تكون في عيون الرجال لأن (ذلك كان يسرُّها في الوقت نفسه ويشعرها بأنها لا تزال تحتفظ حقيقة بجمالها وجاذبيتها نحو الرجال. لقد اعتادت طوال حياتها على نظرات الإعجاب في كل زمان ومكان)!!

أمنية تحتاج للمقارنة، لذا لا تنفي الجميلات (تعوّدت حتى في أتعس الظروف الاحتفاظ والتلذذ بمظهر الأنثى. هناك نساء أجمل منها، لكنها كانت تأسر قلب كل مَن تعرّف إليها/ 16).. في وحدتها تكون وحدها في كل المرايا (في تلك الليلة شعرت بجمال جسدها. كان في حالة تحفز وانتظار، وكانت لديها رغبة في التعري بعدما كادت تحكم عليه بالموت، 33)!! هذا الحكم بالموت ينافي نرجسية أمنية الجمالية المطلقة المتغلبة على جماليات كل الإناث والتي جعلتها قراءتي بين الأقواس السابقة

وهذه النرجسية كانت متوفرة لديها وهي في بغداد منتصف سبعينات القرن الماضي وتعرف سر الرجال في ذلك فحين يخبرها رئيس قسمها في الصحيفة التي تعمل فيها (هناك العديد من الكتّاب وخاصة الشعراء يتمنون ودّها حتى أصبحت ملهمتهم ../ 55) يكون جوابها تذكيره بكلامه هو حين قال لها (الرجال يهيمون بهذا النوع من النساء، يودون الظهور معهم في الأماكن العامة، والخاصة، ويمطرونهنّ غزلاً حتى يروّضوهنّ.. ولكنّ عند الزواج يطلبون امرأة أخرى).. وحين تكون في محفل ثقافي، السارد يحذف النساء كافة. لتسطع أمنية شمسا لوحدها ..(ضجّت جمعية الفنانين بالحاضرين من فنانين وصحفيين وكتّاب وكالمعتاد ألفّ الكثيرون حولها، وكأنهم يتسابقون من أجل الفوز بها لتقول رأيها في الأعمال التشكيلية، ويقولون رأيهم في كتاباتها والتعرف إلى مشروع روايتها../ 56)!!

لا أدري جمالها أو غرائزهم، تجعلهم في هذه الحالة من التمسرح أمامها؟ يبدو السارد يحذف حتى الرسامين العراقيين الكبار من هذه المعارض التي كانت تعج بحضورهم وتأملاتهم ووجهات نظرهم في لوحات المعارض.

(*)

حين تغادر بغداد إلى الحلة، أمنية هي التي تفسح في المجال للنحات سعد زوجها خالتها ( وهذا ما أثار التقرب إلى أمنية/ 74) زوج خالتها يبرر تقربه من أمنية أنها تشبه حبيبته كارمن حين كان في روما!! والصحيح أنها جاءت لتكسر روتين حياته الجميلة مع سهام زوجته / خالة أمنية

(قدومها المباغت أيقظ فيه إحساسا لم يفقه كُنهّه. إحساس راكد في حنايا الروح التي تجيش بومض جذوات تنتظر مَن يؤججها. لقد جاءت إلهة النار لتضرم اللهب في روتين حياتهما../ 74) والأصح حياته هو أما زوجته سهام فهي منسجمة مع روتينها. وبسبب طيبتها قدمت قراءة نفسية مغلوطة عن زوجها حين رأته في المرسم يحدّق في الأشياء، متذكراً حبيبته الإيطالية كارمن. وهو الآن يعاني رتابة حبه لسهام، فتصورت أن زوجها متضايق من أمنية (ما بك يا عزيزي؟ لقد تعوّدت الوحدة، وصار وجود شخص ثالث يتعبك َ. إنها في ورطة.. مشكلة كبيرة/ 77). ومن شدة طيبتها تخاطب زوجها(أرجوك سعد أن تهتم بها في غيابي/ 78)

(*)

 سعد يحدق في أمنية بعين الشهوة (هو يغيب في دكنة شعرها المنسدل حتى خصرها، كان بوده لو عبث به كاشفاً عن عنقها الطويل الرقيق/ 75) سعد يستعمل الفن حيلة جنسية لينفرد بها، حين يقترح عليها أن يعمل لها تمثالا نصيفا. هنا اشتعل ضوءٌ مألوف لدى أنثوية أمنية..(الرجال في نظرها نسخة واحدة مهما تباينت مستوياتهم على مختلف الأصعدة، ليظل الذكر منتعظا حينما تعبق بأنفه رائحة أنثى من دون مراعاة لأي قوانين اجتماعية أو ظروف خاصة ؟؟؟/ 76).. السارد يسرف في مهيمنة الجمال لدى أمنية وكأن سعد الذي كان في روما لعدة سنوات لم ير امرأة جميلة،

لنتأمل قول السارد وهو يصف مؤثرية أمنية على سعد( دخلت بيتهما لتبدّد رتابة إيقاع نبض القلب، ولتفجّر في الروح مواجع لم تلتئم جروحها بعد/ 78) !! ها هو يركض نحو المنحت كطفل، وحين تجلس أمنية أمام سعد ليعمل لها تمثالا. في اليوم الثالث  سلوك زوج خالتها(أضحى مثيراً للانتباه والشك../ 83) ثم صارت(تخشى جنونه ولهفته / 84) في يوم آخر أثناء اشتغاله بالتمثال يخبرنا السارد (راح ممّرا إبهامه على شفتيها/ 92)!!

السؤال هنا: لماذا أمنية  بتهذيبها المعهود لم تضع حدا لهذه المهزلة؟!

ولماذا تسمح له يحدثها عن حبيبته الإيطالية بهذه الطريقة (كانت بعد كل ممارسة جنس تنوح بحرقة/ 93) !! يبدو أن أمنية كانت تشعر بالإمتاع والمؤانسة في هكذا كلام من زوجة خالتها، ترى كيف سيكون الحال حين تباغتهما الخالة سهام وتسمع  كلام زوجها؟ يبدو أن السارد سيبغ الملائكية أو السذاجة على سلوك  أمنية. لكن أمنية تتمرد على السارد وتصفع زوج خالتها قائلة (ألا تعتقد أنك أناني جداً ومخادع؟ لا تزال تعيش على ذكرى كارمن/ 94)

(*)

يخبرنا السارد وهي في الطريق لملاقاة الدكتور عمار نابلسي (فرآها تتهادى بمشيتها وكأنها صبية غضة العود حتى دخلت استقبلها بلهفة/ 202) !!

ثم يسألها (كيف حالك ِ وكيف حال العشاق؟) !! فإذا بها (نظرت إليه مندهشة من سؤاله المباشر ساعية إلى اجتراح رد ٍ يحيد عن طريقته ِ الساخرة، خافية حياءها خلف سحنة قاسية، وكأنها لم تسمع السؤال/ 203) ومن أجل النأي عن ذلك تسأله عن سفرته إلى أمريكا اللاتينية يتحول طبيب الأطفال من السخرية إلى الوقاحة قائلا (لكم تذكرتك ِ وخاصة يوم الكرنفال. الجميع نصف عراة لكنك ِ لا تشعرين بعريهم)!! تلاحظ قراءتي أن رد فعل أمنية مع هكذا أحاديث سواء مع النحات أو طبيب الأطفال. لا تزجرهما !! وأثناء نحت تمثالها  يقول زوج خالتها بالفعل التالي (وقف أمامها وراح يعمّق في الطين طيات بلوزتها، حتى وصل إلى منطقة ما بين النهدين. وضع آلته جانباً. ذهب نحوها. بدأ يتطلّع إلى صدرها ثم مدّ يده ليفتح بلوزتها، جفلت، وبحركة سريعة أمسكت بيده/ 94) هنا رد فعل أمنية جميل. ما بعد ذلك يفترض يكون ردها أقوى، وترفض بشدة، خديعة النحت لكن ما حدث كان كالتالي(أنزلت يدها، ففتح الزر الثاني ليزيح البلوزة، فبان الجزء الأعلى من نهدها الذي كاد ينفر من بلوزتها. أمعن النظر إلى جمالها المستور، ولم يستطع كبح جماح رغبته في الإحساس به، فوضع رأسه على صدرها، انتفضت رافعة يديها لإبعاده، لكنه أمسكهما برفق لينزلهما وهامساً في أذنها: أرجوك.. لا أريد شيئا.. دعيني أحسك ِ.. أحسك/ 95) في هكذا مشهد لو رأتهما خالتها سهام لتطرد ت أمنية من بيتها؟

(*)

(أنها تبدو في نظر العديد من الرجال امرأة فاتنة ومشتهاة/ 206) هذا ليس فقط رأي الطبيب عمّار نابلسي. بل هو محوّر الرواية الذي يتفنن في اشتغاله السارد العليم : رجل المخابرات يشتهيها. زوج خالتها يراودها. المجرّي  الذي من نظرة واحدة  يصعقه جمالها فيردد في نفسه (هذا قدري). وأم بيتر تقول عن أمنية (لن أتحدث عن جمالها الشرقي لأنه لا يختلف عليه أثنان/ 223)  وبيتر الذي سيكون زوجها يقول عنها( أصبحتُ كالأحمق أتخيّل أنها ستترك البلد، وتذهب إلى مكان آخر، ولن ألقاها مجدداً). لكن بيتر مثل سواه من المشغوفين بها والواثقين بذواتهم  أنها ستكون له وحده.. قبل بيتر كانت لها علاقة مع الشاعر العراقي حامد الناصري لا يهمه سوى افتضاضها وهو بهذا مثل رجل المخابرات لكن رجل المخابرات لا يحسن الأقنعة مثل حامد الذي وصل لمبتغاه  بمعسول الكلام. بِلا عقد زواج (كان بودهّ أن لو رقص فرحاً بحصوله على اللؤلؤة التي لم تعد صعبة المنال !! / 196) هذا مشاعر ح العريس حامد.. لكن السارد لم يفصح لنا عن مشاعر العروسة أمنية؟ قبل الحدث الأهم يخبرنا السارد عن مشاعر حامد الناصري (كان كمحموم يبحث عنها في كل ركن، حتى وعى فجأة في ذاته على سلوكه. شعر أنه لم يعد وحيداً، لأنها تسكنه، وأن خيالها يطارده، ولن يهدأ إلا بعد أن يلقاها../ 157) موقف حامد الأخير مع أمنية. يجعلني كقارئ للرواية أن السارد العليم لا يستحق هذه الوظيفة فهو يسرف في مبالغته. وسيفنده موقف حامد الأخير. وسيقع السارد العليم في مطب ثان، حين يخبرنا عن حامد الناصري بالكلام التالي (فوجئ عندما رآها تتدفّق حيوية كصبية / 158)  وهذه الرؤية يكررها السارد العليم من خلال رؤية الطبيب عمار نابلسي( فرآها تتهادى بمشيتها وكأنها صبية غضة العود/ 202)

وهي ص196 كان حامد( بودّه يرقص فرحاً بحصوله على اللؤلؤة التي لم تعد صعبة المنال)!!  سيبقى حامد محافظا على سلوكه المشين رغم كل تنازلات أمنية التي وافقت العيش معه في باريس في غرفة بحجم زنزانة وما اخبرتها بي مديحة كان ضمن توقع القارئ فهو انهزم للجزائر ليتزوج مضطرا من جزائرية تعمل معه في دار النشر..

(*)

شخصية أمينة لا جمالها هي التي شدتني كقارئ للرواية. فهي قوية الإرادة في زمن شرس. مثقفة دؤوبة تسعى دوما لتجاوز ذاتها نحو الأجمل الضروري..

اعتقال الطائي/ الأرملة/ دار ميزوبوتاميا/ ط1/ بغداد/ 2015

عرض مقالات: