تميزت أوائل التسعينيات بتفكك الاتحاد السوفيتي، وإعادة فرض المجتمعات الرأسمالية في أوروبا الشرقية، ونكسات كبرى أخرى للطبقة العاملة وللحركة الاشتراكية والشيوعية العالمية. وعلى الرغم من الخبرة العظيمة للحزب وتنظيمه الذي كان يعمل بشكل جيد، عانى الحزب الشيوعي الدنماركي من وضعٍ صعبٍ للغاية وكان في مواجهة سياسية تتعلق بوجود الحزب نفسه. في مؤتمرات الحزب المنعقدة في كانون الثاني ونيسان من عام 1990، كان هناك ثلاث مجموعات تعمل داخل الحزب: "المُجددون"، والتقليديون، والمجموعة الوسطى. كان لدى "المُجددين" عدد من التغييرات الأساسية في الخط السياسي المُعتمد، وتم بالفعل إجراء تغييرات في القيادة العليا للحزب. 

 في انتخابات ديسمبر/كانون الاول 1990 البرلمانية، حصلتْ القائمة الموحدة(والتي يُعتبر الحزب الشيوعي الدنماركي هو جزءٌ منها)، التي خاضت الانتخابات لأول مرة على 1.7٪ من الأصوات، وهو ما لم يكن كافياً للدخول إلى البرلمان.

 في هذه الفترة إنقسمَ الحزب على نفسه، وأدى هذا الإنقسام إلى فقدان الحزب لأكثر من نصف أعضائه خلال عام 1990 وأوائل عام 1991. 

في هذا الوقت استقال رئيس الحزب أولي سون وانضم إلى حزب الشعب الإشتراكي SF. 

 بادر عدد من أعضاء قيادة الحزب القديمة ( التقليديون) لإنشاء المنتدى الشيوعي ، الذي تطوّر فيما بعد وأصبح حزبا شيوعياً مُستقلاً سَمّى نفسه بالحزب الشيوعي في الدنمارك (KPiD).

 في المؤتمر الثاني والثلاثين المنعقد في 1992 تم استبدال قوانين الحزب السابقة بمجموعة من القوانين الموجزة والعمومية للغاية. كان الهدف من هذا الإصلاح هو تحويل الحزب من منظمة نضالية شيوعية الى "شبكة" مهمتها الرئيسية تقديم الدعم والإسناد ومستودع خبرة لـلقائمة الموحدة، الذي هو جزء من قائمتها الانتخابية. 

  تضاعفت الجهود المبذولة لتفكيك الحزب الشيوعي الدنماركي كقوة سياسية وتنظيمية مستقلة من خلال انتقال القائمة الموحدة من التعاون الانتخابي معه إلى منظمة شبيهة بحزب سياسي مستقل مع عضوية فردية للمُنتمين.

  إن "التسوية الوطنية" والتخلي عن معارضة الاتحاد الأوروبي (11)، اللتين جاء بهما حزب الشعب الإشتراكي (SF) قد حصلتا على التصويت بنعم في الاستفتاء الشعبي في مايو 1993 لمعظم بنود معاهدة ماستريخت (12)، التي تم رفضها في حزيران 1992. وقد أدى ذلك إلى تقدم قوي لـلقائمة الموحدة، والذي أدى في انتخابات أيلول 1994 فوز 6 أعضاء برلمانيين اثنان منهم شيوعيان.

 أدّى اختراق القائمة الموحدة لأجزاء من أعضاء الحزب الشيوعي الدنماركي إلى وهم، بأن الحزب الشيوعي الدنماركي أصبح الآن زائداً عن الحاجة، وسعى البعض من أعضاء الحزب إلى حل الحزب، لكن تم رفض المقترحات في هذا الصدد عدة مرات، كان آخرها في الاجتماع الوطني في عام 1995، والذي تبنى بيان برنامج التغيير، الذي وجّهَ الحياة السياسية كلها نحو القائمة الموحدة.  

  حَدثَ تراجع كبير في هذه السنوات بحيثُ إضطر الحزب الى تقليص أجهزته التنظيمية إلى الحد الضروري ، وأفلسَ مالياً، لكنّه موّلَ نفسه عن طريق الإقتراض. لهذين السببين إستقالت القيادة السابقة لـ "المُجددين" بشكل شبه كامل، وتم انتخاب قيادة وطنية جديدة تماماً من 7 أعضاء فقط أغلبهم عديمو الخبرة.

 نصَّ مفتاح التغيير عام 1996 على أن المهمة السياسية الوحيدة للقيادة الوطنية المنتخبة حديثاً كانت تنظيم ندوتين في كل سنة. ومع ذلك، كانت الأجندة غير المعلنة هي أن الديون الكبيرة للحزب ستجبر القيادة الوطنية على السماح للحزب الشيوعي الدانمركي بالإفلاس وحل الحزب - وهي مهمة لم ترغب القيادة المنتهية ولايتها في القيام بها. لكن عندما ظهرت خطورة الموقف على القيادة الوطنية المنتخبة حديثاً، تصرفتْ بشكل مختلف عما كان متوقعاً. وعلى الرغم من المعارضة الشديدة من قبل قيادة الحزب المستقيلة، فقد تمكنت القيادة الجديدة من وضع خطة لإعادة الهيكلة وإنقاذ الحزب من الانهيار. وفي اجتماع وطني عُقِدَ في خريف العام نفسه (حيثُ غادر جزء كبير من المندوبين احتجاجا)، نجح "المُرمّمون"، الذين ظهروا أكثر فأكثر كقادة حزبيين حقيقيين، في وضع قيود مشددة على عمل القيادة الوطنية المُنتخبة بحيث لا تسمح لها إعادة انتخاب أعضائها ثانيةً.

تم انتخاب قيادة وطنية من 5 أعضاء فقط ، جميعهم من المستوى الثاني لجناح "المُجدِّدين" ، ونَفّذَتْ إعادة هيكلة مالية الحزب ، والتي كانت القيادة الوطنية المخلوعة قد أرست الأساس لها.

 

(١١) عارض الحزب الشيوعي الدنماركي واليسار الماركسي عموماُ إنضمام الدنمارك الى الإتحاد الأوروبي من منطلق فكري ، ذلك أن مثل هذا الاتحاد سيشكل قوّة إضافية للنظام الرأسمالي ويعزز مكانة ودور البرجوازية الاوروبية - الكاتب

 

(١٢) اتفاقية أو معاهدة ماسترخت هي الاتفاقية المؤسسة للاتحاد الأوروبي. تم الاتفاق عليها من قبل المجلس الأوروبي في مدينة ماسترخت الهولندية في ديسمبر1991، وبدأ تنفيذها في 1 نوفمبر 1993. وتهدف معاهدة ماستريخت إلى الوصول إلى السياسات الموحدة للدفاع، والعملة والمواطنة بين جميع الدول الأعضاء - ويكيبيديا

عرض مقالات: