اعدت الموازنة وكانت جدلية. ولم تتعد طبع التشكيلة الحكومية، وارسلت الى البرلمان عبارة عن هيكل لا يوصف في احسن الاحوال الا  ببقايا عصف خلفه الدهر الاغبر. مليئة بالتلابيب المسحوبة عنوة الى غير محلها..وعلى سبيل الذكر رصد في الميزانية " 23 " مليار لمنح مجهولة العناوين، وما يقرب من " 8 .2" بالمئة مليارمن الميزانية تحت عنوان مستلزمات خدمة غير معرفة، و 50 مليار للمزارات والزيارات الدينية، مجهولة وجهة الصرف. واخرى لا انزل الله بها من سلطان.. تخيلوا هذا البذخ اللامسؤول وقد بلغ العجز 65 مليار. ان هذا الاهدار من قبل قوى قادت البلد عشرين عاماً على منوال السرقة المشرعنة هذه، ومازالت تتمتع بفقدان موازين العدالة وانعدام القدرة السياسية بلا حدود. وهذا ما تجلى بتفجر ادران والغام المحاصصة في برلمان الاوساط ذاتها. الامر الذي كشف عن ارادة عصبة خارجة عن القوانين وحتى عن الاعراف، التي تصون حقوق الشعب والوطن.

            لقد اطال الجهل الاقتصادي والسياسي عمر اقرار هذه المخلوقة المسماة بـ " الموازنة " وربما اثناء كتابتنا لهذا المقال تتشنف أذاننا بسماع تمخض المولودة الهجينة المتلاعب بتكوينها..طبعاً ليس بتدخل علمي كما هوالحال في سماء الطب انما من " فلاسفة " الحكومة وبرلمان ( الهرج والمرج ).. وعليه ان هذه الولادة ستطلق العنان لغول الفساد المتربص لحلول اوان تدفق الاموال الى وزارات المحاصصة و" المكاتب الاقتصادية " التي قد حضّرت السيناريوهات بغية تمهيد اوجه الصرف والتصريف والتصرف الفاسد، الذي يغذي ارصدتهم الشخصية المهربة عبر الحدود، والبذخ للدعاية الانتخابية بدون ضوابط قانونية.

            من نظرية الاحتمالات نركن الى احتمال ربما يعارضنا البعض المستفيد من الحكومة، ويشير الى قساوة معينة قد احتواها هذا المقال بحق هذه التشكيلة الوزارية. غير اننا نقول له ان البعض الاخر ينتقدنا بصورة عكسية ايضاً، ويحسب ما قلناه عن الحكومة هو عبار عن حرق الابخرة لطرد الشياطين الكامنة فيها . مع اننا نؤكد دوماً بان عراق اليوم يخلو من دولة، ولا توجد فيه حكومة شرعية، لكونها قد تلملمت على اثر تنازل التيار الصدري الفائز وتقديمه شرعية الحكم على طبق من" الماس " للخاسرين وعلى اساسه تشكلت حكومة محاصصة رهيبة في ظل الموازنة الكارثية السالف ذكرها.

            ومن هنا تنطلق دعوتنا لخوض الانتخابات التي بمثابة صوت الاسعاف لاخلاء الطريق لغاية وصول المصاب الى غرفة العناية الفائقة في اقل تقدير. ومريضنا عراق اليوم هو اكثر من عليل. اذ انه يحمل فايروس نووي انشطاري حاد اذا ما تفجر. فحينها لا يمكن ان ينجو منه احد..  سوف لن تبح اصواتنا طالما مازلنا ننادي وننشر علامات هادية على الطريق القويم الوحيد المؤدي الى عملية التغييرالشامل. لان الانتخابات قد منحها هذا الزمان ألامكأنية آلمحتملة على الاتيان بحكم المواطنة والدولة  المدنية الموسومة بدولة العدالة . هذا ياتي فقط بالاندفاع الملتزم للمشاركة في العملية الانتخابية بهدف الاطاحة بدولة الفساد.

عرض مقالات: