يواجه العراق أزمة مياه حادة، بسبب عدة عوامل، منها تغير المناخ وبناء السدود من قبل الدول المجاورة، بالإضافة إلى ممارسات إدارة المياه غير الفاعلة، يعتبر نهرا دجلة والفرات اللذان يتدفقان عبر العراق من أهم المصادر الرئيسية للمياه في البلاد، لكن كلاهما يشهد أنخفاضاً كبيراً في منسوبهما.

إن مواردنا المائية في العراق تعتمد بصورة رئيسية على نهري دجلة والفرات، اللذين يجريان من تركيا شمالاً بأتجاه الجنوب، ويلتقي النهران جنوب العراق في القرنة ليشكلا شط العرب، ويأتي معظم مياه النهرين من تركيا بنسبة (71%) وتليها إيران (6.9%) ثم سوريا (4%) والمتبقي من داخل العراق (10).

إن أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في أزمة المياه في العراق، هو قيام الدول المجاورة ولا سيما تركيا وايران بإقامة السدود على منابع الأنهار، حيث قامت بلاد الأناضول ببناء سلسلة من السدود على نهري دجلة والفرات، مما قلل بشكل كبير من كمية المياه التي تتدفق في إتجاه مجرى النهر الى العراق، كما أنشأت إيران سدوداً على الأنهار أدت إلى زيادة إنخفاض تدفق المياه.

لهذه السدود تأثير خطير على قطاع الزراعة في البلاد، الذي يعتمد بشكل كبير على طرق الري القديمة، مع إنخفاض تدفق المياه أضطر المزارعون الى الإعتماد بشكل أكبر على المياه الجوفية، التي اصبحت مستنفذة بشكل متزايد، وقد أدى ذلك إلى إنخفاض غلة المحاصيل، وأرتفاع أسعار المواد الغذائية، مما أدى إلى ضغوط على الإقتصاد العراقي، وفاقم الفقر في المناطق الريفية.

كذلك لأزمة المياه في العراق آثار إنسانية كبيرة، حيث أصبح الحصول على المياه النظيفة أكثر صعوبة بالنسبة للعديد من المواطنين، ولا سيما أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية، وهذا يؤدي الى زيادة الأمراض التي تنقلها المياه والتي تشكل مصدر قلق كبير للصحة العامة في العراق.

كانت تصرفات تركيا وإيران مصدر توتر وقلق بينها وبين الحكومة العراقية، كما ينشر في الإعلام.. حيث أتهم العراق تركيا بأنتهاك الإتفاقيات الدولية المتعلقة بتقاسم المياه، ودعا إسطنبول إلى الإفراج عن المزيد من مياه المصب، من ناحية أخرى أتهمت إيران ببناء سدود دون التشاور مع الجانب العراقي، مما أدى إلى مزيد من التخفيضات في تدفق المياه.

تعتبر أزمة المياه في العراق قضية معقدة تساهم فيها عوامل متعددة، حيث قيام تركيا وإيران بسد نهري دجلة والفرات، وهو عامل مهم في الأزمة، ومن الضروري أن تعمل هذه الدول مع العراق لإيجاد حل يلبي الإحتياجات المائية لجميع الاطراف المعنية.

لذلك يقع على عاتق الحكومة العراقية أن تبحث عن حلول قبل بداية موسم الصيف، ويمكنها ان تلعب بورقة الإستيراد للوصول إلى حلول وسطية مع الدول المجاورة، حيث يستورد العراق من تركيا بقيمة (11) مليار دولار، ومن إيران بقيمة (9) مليار دولار، كذلك عليها أن ترصد مشاريع حقيقة لمواجهة التغير المناخي، و تطوير طرق الري التي من شأنها أن تسمح بزيادة المساحات الزراعية المستحصلة بكمية أقل من المياه، لذلك فأنه بدون جهود منسقة بين الأطراف، من المرجح أن تتفاقم أزمة المياه في العراق، مما يؤدي الى عواقب انسانية واقتصادية أكبر.

عرض مقالات: