حاول النظام واجهزته القمعية اختراق تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي. وقد وصل الإسفاف بالبعض حد إخفاء ذلك على الحزب وإرسال رسائل وتقارير غير دقيقة عن الوضع في الداخل. " فثمة رفاق وقعوا بيد السلطة وتعاونوا معها واخفوا الأمر عن الحزب وكانوا يقدمون تقارير كاذبة عن حياتهم في داخل العراق. والتجربة كشفت بمختلف الطرق عدد من الحالات تورطوا بهذا العمل".

وقامت المؤسسة الأمنية بالسيطرة على جميع المؤسسات ودوائر الدولة، ووصل بها الأمر إلى إصدار قانون يقضي بتسمية موظف من الموظفين (ضابطاً للأمن) في كل دائرة على أن يرتبط هذا الموظف بضابط أمن حقيقي في دوائر الأمن، مهمته مراقبة حركة الموظفين وتدقيق مواقفهم وأفعالهم وتصرفاتهم.

وأقدمت المؤسسة الأمنية في العراق على تطوير أساليب الابتزاز بدون أي رادع، كتصوير الشخص في وضع خاص أو تصوير عائلته، ومن ثم الضغط عليه بذلك ليقدم على تنفيذ ما تريده المؤسسة منه، بإستمرار. ونهجت هذه المؤسسات نهجاً مدروساً واخطبوطياً، وذلك بمد شبكة من التنظيمات الأمنية والاستخبارية والمخابراتية في العراق، بحيث حولت البلاد الى دائرة وسط الدائرة الأمنية، وواجهت أحاسيس الناس ومشاعرها تجاه السلطة بالإشاعات ونشر الأكاذيب التقنية التي تدلل على إمكانية هذه الأجهزة ومعرفتها الخارقة بتفاصيل ما يحدث بين الناس في العراق أو ما تتحدث به العوائل في البيوت، فأحجم العراقيون عن التحدث ضد السلطة حتى داخل جدران بيوتهم.

كما ساهمت المؤسسة الأمنية في إقامة مكاتب تجارية في العديد من الدول العربية، كانت تعد محطات وأوكار لأجهزة المخابرات العراقية، وتم توظيف المهاجرين والمغتربين من أهل العراق في سبيل مراقبة أخوتهم وأهلهم ومساعدة أجهزة الأمن والمخابرات على تصفيتهم وإنهاء وجودهم المؤثر خارج العراق.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إختراقات مؤذية

ممـو

إرتبطت قضية العميل ممو بالجريمة البشعة التي تعرضت لها مفرزة بطلة لرفاق الحزب الشيوعي العراقي في مدينة أربيل، سميت مفرزة عباس. وكان الرفيق عباس (عباس محمد عمر) يعمل في تنظيمات الداخل في اربيل حيث اعاد الكثير من التنظيمات والرفاق المنقطعين الى احضان الحزب. وكان له دور في بث الرعب بالمأجورين واعوان النظام السابق. وكانت معه مجموعة جيدة وشجاعة من الرفاق الابطال الذين عملوا معه بكل سرية ودقة في التنظيم.

لقد التحق احد الاشخاص ويدعى مامند اسماعيل (ممو) بالأنصار، فرفضه القيادي احمد باني خيلاني (ابو سرباز) المسؤول عن قاطع السليمانية، لكن تم قبوله من قيادي اخر هو يوسف حنا (ابو حكمت) المسؤول عن قاطع اربيل، دون سماع رأي اللجنة المركزية للحزب به كما يجب، وبعثه ليتعاون مع مجموعة عباس في التنظيم المحلي. 

وتبين لاحقاُ من أنه في تشرين الثاني 1984 حاولت السلطة ومخابراتها ان تنفذ خطة مدروسة لانهاء عمل هذه المفرزة. فأوعزت الى المدعو (ممو) أن يوفر لهم احدى البيوت في حي العدالة ليختفوا فيه بعد أن عرفت السلطة بأن المفرزة تمر في ظروف صعبة. وبالفعل تجمع الأنصار ووزع عليهم (ممو) الشراب المخدر الممزوج ب(الكوكا كولا) ، وسرعان ما تم القاء القبض عليهم وهم في حالة من الاعياء والتخدير، وأقتيدوا الى الإستخبارات في بغداد، وهناك انباء على انه حدثت معارك بين البعض منهم مع القوات المهاجمة واستشهد الرفاق عباس وسرباز وعادل وعبد القادر. وكان ذلك باشراف من كبار ضباط مديرية امن اربيل الذي استفز حين قيل ان الذي دبرها هو ممو ، قال احد ضباط الامن (ممو شنو ممو قندرة ،هذا تخطيط دائرة الامن العراقية – من مقال النصير محمد علي ابو حرار عن كتاب حين تخترق الخيانة الحدود ل فرهاد رسول) وتم القاء القبض على بقية الرفاق الذين نقلوا الى بغداد واعدموا في سجن ابو غريب *. والشهداء هم:

  1. كاكل حمد رسول (بريار)
  2. ادهم عثمان محمد (داود)
  3. عبدالله اسماعيل عبدالله (م .عبدالله )
  4. كمال شيَخ محمد قادر (دلشاد)
  5. جعفر علي خضر (ريَبوار)
  6. صلاح احمد على (دلوفان )
  7. عباس عبدالله خضر (سرباز)
  8. فهد الياس هرمز (فرهاد)
  9. زاهير بهنام اوس (نه به ز)
  10. موسى يونس كزار (فكرت)
  11. علاء حسين (علي).

كما حكم على الرفاق الاخرين بالسجن المؤبد وهم 

  1. يحيى عثمان محمد (حاكم وريا )
  2. علي عثمان محمد (سيد علي)
  3. شيَرزاد مجيد محمد (سيد شيَرزاد)
  4. عبدالحميد عبدالقادر امين (دكتور)

وتم اطلاق سراحهم لاحقأ بعفو خاص.

وعن هذا الموضوع يذكر القائد الأنصاري توما توماس في مذكراته مايلي:

" لم يكن المدعو مامند اسماعيل (ممو) وهو زوج شقيقة الرفيق كانبي محمد صالح العسكري المعروف،  شخصا مجهولا لدى رفاق محلية اربيل. فقد سبق وان كان مرشحا في المحلية وطرد عام 1977 لوجود علاقة له مع اجهزة الأمن. في عام 1979 اتصل ممو في مقر ناوزنك طالبا الالتحاق بانصارنا ورفض المكتب العسكري في حينها طلبه، لكن بعض اعضاء محلية اربيل ايدوا التحاقه (احمد عوينه وملا نفطه) وحسمت لجنة هندرين الموضوع برفض قبوله، فالتحق بالحزب الاشتراكي الكردستاني. وصل ممو الى مقر قاطع اربيل والتقى الرفيق(يوسف حنا- ابو حكمت)، وطلب قبوله صديقا للحزب وابدى استعداده للعمل ضمن مفارزنا في منطقة خوشناوتي فوافق الرفيق ابو حكمت على طلبه. انقطعت اخبار مفرزة عباس تماما وبدأ القلق يسيطر على الرفاق في قيادة القاطع. تمكن ممو من جمع بعض المعلومات التي تشير الى وجود مفرزة عباس داخل اربيل وبطرقه الخاصة استطاع الاتصال بعباس الذي طلب منه اخراجهم من مدينة اربيل فابدى استعداه، لذلك بلغ ممو مديرية الأمن بهذه الغنيمة التي لاتقدر بثمن. لقد قتل العميل ممو وبتوجيه من نظام البعث مجموعة بطلة وهم من الأنصار والكوادر المجربة. وقد ساعد هذا العميل في مهمته القذرة زوجته (كيزو محمد صالح) واخوه رشو. ورغم مسؤولية ابو حكمت عن ذلك، فإن أحدا لم يفكر في محاسبته. وقد دفع ذلك بالرفيق نجم الدين مامو حريري في المؤتمر الرابع للحزب، تشرين الثاني 1985، الى طلب محاسبة (يوسف حنا - ابوحكمت) وانزال اقصى العقوبات به و بطرده من الحزب،  كما طرح الرفيق (توما توماس) ضرورة محاسبة ابوحكمت لانه ادخل الحزب بمعارك خاسرة اضافة الى دوره في قبول (العميل ممو). ولهذا لم ينتخب يوسف حنا في المؤتمر الرابع في تشرين الثاني 1985.

ويبدو إن ما كتبه الرفيق شمال عادل سليم عن هذه القضية، الأكثر وضوحاً وتوثيقاً حيث أشار الى:

" بحكم عملي آذاك في تنظيمات الحزب السرية كان لي صلة مباشرة مع الرفيق (ناصح حمد امين ـ المعروف بـ كوجه ر والرفيق يوسف شيخ محمد ـ پیشروـ اللذان استشهدا لاحقأ)، اضافة الى مساعدة والدتي المناضلة والرابطية، فتحية محمد مصطفى المعروفة بام شوان (والتي كانت قيادية في رابطة المرأة العراقية ومن النصيرات الطليعيات اللاتي شاركن في ثورة ايلول وفي حركة الأنصار في الستينات ثم أواخر السبعينات) في تنفيذ مهامها الحزبية وخاصة بعد ان اصبح بيتنا في بداية الثمانينات ملاذا حقيقيا لرفاق الحزب. وللتاريخ وكواجب وطني واخلاقي ادون شهادتي بكل صدق وامانة:

  1. كان (ممو)، مرشحأ لعضوية محلية اربيل، عندما طُرد من الحزب بعد ان جرى تشكيل لجنة للمساءلة الحزبية برئاسة الرفيق الشهيد (عادل سليم واعضاء من قيادة منظمة اقليم كردستان وتحديدا في عام 1976). واكتشفت اللجنة أن لممو علاقة بطبيب بعثي بمستوى عضو شعبة دون علم وموافقة الحزب. اضافة الى كثرة تردده على الملاهي الليلية والبذخ و الترف و الإسراف غير الطبيعي الذي لم يكن يتناسب مع المساعدة البسيطة التي كان يحصل عليها من الحزب كبقية الكوادر الذين تفرغوا للعمل الحزبي. واثناء التحقيق لم يستطيع ممو ان يرد على الاتهامات الموجهة إليه، فانهار واعترف بتورطه في العمالة لصالح حزب البعث، وعليه اتخذت اللجنة الحزبية الاجراءات الانضباطية الضرورية تجاه العميل المندس (ممو) وتم طرده فورا من الحزب. الا ان المدعو (ممو) عبر عن غضبه وامتعاضه من قرار اللجنة وكان يعبر هنا وهناك وخاصة (عند زياراته لبيوت الرفاق هو وزوجته / کیژۆ محمد صالح) عن عدم قناعتهم بهذه العقوبة .
  2. كانت زوجة العميل ممو (كيژو)، تعمل في رابطة المرأة العراقية ـ فرع اربيل مع الرفيقة (هيبت زوجة ملا نفطة ومامز وزهري شقيقات ملا جلال، ورفيقات كثيرات من سهل وقرى اربيل. وكانت (كيژو) آنذاك من الرفيقات النيشطات ولها علاقة متشعبة وقوية مع عوائل الرفاق واصدقاء الحزب، وكانت توزع الادبيات وتجمع التبرعات، واستمرت في عملها الى ان طرد (ممو) من الحزب، حيث ابتعدت عن الرابطة واعلنت موقفها المعارض تجاه طرد ممو.
  3. وقد ساعدت علاقات ممو وزوجته المتهمة كيژو، بعوائل الرفاق في اربيل والمناطق المحاذية لها على نجاح (ممو) في تنفيذ ضربته القاتلة والموجعة لتنظيمات الحزب في اربيل.
  4. إن تبعات كارثة العميل (ممو) اثرت وبشكل كبير جدا على العمل الحزبي داخل اربيل تحديدا آنذاك، كما كشفت جسامة الفوضى والصراعات الداخلية و اللامبالاة وعدم الالتزام بابجديات العمل السري والتي ادت الى استشهاد مجموعة من كوادر مدينة اربيل اثناء الجريمة وبعدها كسلسلة مترابطة مع بعضها البعض .
  5. بسبب اللامبالاة والاهمال واشاعة روح الخدر والليبرالية من قبل (رفاق مفارز الداخل) تجاه حزب البعث واجهزته القمعية وامكانياته الهائلة والذي استطاع ان يجمع (عن طريق مندسين من امثال ممووكيژو وصباح وصادق واخرين) اكداسا من المعلومات حول عمل منظمات الحزب السرية في اربيل والبيوت الحزبية وتحركات ونشاطات رفاق تنظيمات الداخل، مما ادى الى استشهاد والقاء القبض على خيرة الكوادر وتصفيتهم لاحقا، كما ادى الى شلل العمل التنظيمي في اربيل وخاصة بعد كشف عدد غير قليل من البيوت والمحطات الحزبية في تلك الفترة.
  6. نجح العميل المندس ممو وزوجته کیژو محمد صالح في كشف البيوت والمحطات الحزبية السرية داخل اربيل وخارجها وتم مداهمتها من قبل دوائر الامن والاستخبارات البعثية لاحقاً، وبهدا خسر الحزب ركائز ومحطات مهمة للعمل التنظيمي داخل المدينة، خاصة بيوت اصدقاء الحزب الذين كانوا فاتحين ابواب بيوتهم بدون خوف لاستقبال الرفاق الذين كانوا يترددون سرا الى اربيل .
  7. ترك عدد غير قليل من رفاق اربيل صفوف الحزب على اثر خيانة ممو باعتبار ان الحزب لم يسمع صيحاتهم وتحذيراتهم من العميل (ممو)، وخاصة بعد ان طالبوا من قيادة القاطع الحذر في التعامل مع العميل (ممو) قبيل حدوث مالا تحمد عقباه، كما لم تنجوا بقية الركائز الحزبية الداخلية من الاثار السلبية التي تركتها حادثة العميل (ممو) .ويضيف الرفيق شمال الى امور اخرى تخص المفرزة وعدم التزامها بالتوجيهات الحزبية التي ادت الى الكارثة-
  8. عدم التزام (رفاق مفارز الداخل) بقرار الحزب والرسائل التي ارسلت من قبل محلية اربيل ومن شخص سكرتير المحلية الرفيق نجم الدين مامو ـ ابو سلام ـ ورسائل القاطع المرسلة من قيادة قاطع اربيل ـ والتي طالبت رفاق الداخل بالعودة فور استلام الرسالة لان (عملهم بهذا الشكل سيعرضهم لاخطار جدية). و لكن الرفاق لم يستجيبوا لطلب القاطع وعليه تم ارسال رسالة اخرى وايضا لم يستجيبوا لطلب القاطع وثم ارسل القاطع رسالة ثالثة شديدة اللهجة وهددتهم (بعقوبة الطرد) من الانصار والحزب والاعلان عنها بشكل صريح في الاعلام ـ ولدى استلامهم رسالة التهديد الاخيرة ـ قرروا العودة .....!! ولثقتهم العمياء بالعميل (ممو) و الضغوط التي يواجهوها بسبب صعوبات النشاط، سلموا امر عودتهم له، وعليه لعب (ممو) دوره الذي كان ينتظره بفارغ الصبر حيث رتّب لهم العودة بسيارة بوضع سلاحهم في صندوقها، تقل في كل مرة ثلاث منهم على ان يتم تنفيذ هذه العملية اثناء الليل، وهكذا نقلهم بشكل وجبات الى دار خاصة بدوائر الاستخبارات البعثية في اربيل، حيث تم إعتقالهم هناك ولسوء الحظ صادف أن تزامن ذلك مع دخول المدينة ثلاثة من انصار الحزب واتصلوا برفاق المفارز الثلاث (بدون علم القاطع) وللاسف قادهم العميل (ممو) الى نفس مصير رفاق مفارز الداخل .

ويشير النصير ابو احرار الى (في رأيي المتواضع ،لقد نجح النظام بمخططاته بالإيقاع بالمناضلين ،وفشل الحزب الشيوعي في صيانة عمله السري ويضيف ان هذه الجريمة لا تخص الشيوعيين وحدهم، هذا المدعو (ممو) يجب ملاحقته قضائيا عبر الانتربول والشرطة بوصفه مجرم وقاتل...وعميل لنظام الجلاد صدام حسين ،ان تلك القضية يجب ان لا تهمل وان دماء الشهداء يجب ان لا تذهب هدرا ويجب محاكمة حتى الموتى امثال ابو حكمت وامثاله ).

العميل (صادق) هو كريم قادر صادق المعروف بـ (صاد)، يقيم حاليا في اربيل وعضو في حزب متنفذ، عمل لصالح دوائر الامن والاستخبارات البعثية، حسب التقارير الموثوقة التي وصلت لقيادة قاطع اربيل من خلال تنظيمات اربيل آنذاك، اضافة الى اعترافات النصير ( د ) والذي كان صلة الوصل بين (ابوحكمت وصادق). وهو  متورط  في اعدام مجموعة من رفاق تنظيمات الداخل، بعد ان نفذ الدور المناط به من قبل الاستخبارات الصدامية بأكمل وجه. بعد ان سلم (صادق) نفسه الى الربيئة العسكرية الصدامية المتواجدة في المنطقة اثناء محاصرتهم من قبل قوات الاتحاد الوطني الكردستاني، اُحيل الى الاستخبارات العامة في بغداد، وبعد موافقته على تنفيذ مهمات تخريبية ضد الحزب الشيوعي العراقي وتعاونه مع دوائر الاستخبارات الصدامية، اطلق سراحه والتحق بمقرات قاطع اربيل في منطقة بارزان وتم قبوله فورا، وكُلف بمهمات (عسكرية وتنظيمية) من قبل مسؤول القاطع (ابو حكمت) على الرغم من تحذير الرفاق  من خطورته على امن وسلامة رفاق الداخل.

أبو (ب)

أبان الهجمة على الحزب من قبل الأجهزة الأمنية والمخابراتية ومنظمات حزب البعث المنتشرة في جميع انحاء العراق، أعتقل المدعو ابو (ب) وأبدى موقفاً ضعيفاً أثناء الإعتقال وربما تعاون مع الجلادين. وبعد إطلاق سراحه، سافر ابو (ب) الى بيروت وتخرج من أحدى الدورات العسكرية للأنصار ثم الى اليمن الديمقراطية و عاد الى العراق عن طريق كردستان ليناضل مع الأنصار في سبيل اسقاط النظام الدكتاتوري. وخلال فترة وجوده في كردستان مع الحركة الأنصارية شخّص من قبل التنظيم ليرسل الى داخل الوطن وينشط في العمل السري.

وقد ذهب بالفعل الى المحافظات الجنوبية اكثر من مرة وعاد الى قواعد الأنصار في كردستان وقدم تقارير حول العمل الحزبي، إدعى فيها بانه يتطور وإنه أوجد العديد من الركائز وحلقات التنظيم. في احدى المرات ذهب الى بغداد عبر تنظيمات نينوى/الموصل ومعه احد الرفاق. وفي احدى القرى (الدوغات)، طلب هذا الرفيق من أبي (ب) التريث بالسفر بسب وجود معلومات عن إستنفار أمني وعسكري في المنطقة، لكن أبو (ب) أصّر على السفر، فوقع في أول سيطرة أمنية.  وجرت صفقة سريعة بينه وبين ضابط الأمن بغية لملمة القضية ومنع إنتشار الأخبار إلى تنظيمات الحزب، فأخلو سبيله ورتبوا بعناية طريقة وصوله بسلام إلى مدينة الموصل. ولحسن الحظ كان العميل المزدوج شهاب ضمن المفرزة التي أقامت تلك السيطرة الأمنية. فشاهد كل شيء وأسرع لإبلاغ الحزب بما جرى، لكن أبو (ب) وصل إلى بغداد، ولم تعد هناك فرصة للتحقيق معه. أبلغت محلية نينوى قيادة الحزب بإحتمال وقوع أبي (ب) في قبضة السلطات، ولأنه كان قد أفلت منهم بدأت الشكوك تحوم حوله، وعند إستفسار رفاق نينوى عبر مصادرهم تأكدوا من تعاونه مع جهاز الأمن .

قُبيل إنعقاد المؤتمر الرابع للحزب في كردستان، أستدعي أبو (ب) ضمن مندوبي المؤتمر الرابع من الداخل. وكانت فرصة موآتية لفتح تحقيق معه، لكنه كان ينكر إعتقاله ويتجاهل ما يسمعه ويستهزأ بالخبر. وحينها إستدعي شهاب من قبل صلته الحزبية، فأكد الأمر وأبدى استعداده لمواجهة الشخص المذكور وتشخيصه حيث نقل له تفاصيل تطويقهم لقرية سريجكة وإعتقال شخص عربي أسمر اللون تبين إنه من عناصر الأمن، أثناء التحقيق حاول أبو (ب) إنكار تعاونه وخبر توقيفه من قبل مفرزة الإستخبارات مما دفع بأبي رؤوف لإستدعاء شهاب إلى القرى القريبة من العمادية وإدخاله على مجموعة من الأنصار كانوا يحتسون الشاي(هناك تقارب في الشبه بينهم)، وحال دخوله أشر على أبو (ب) وقال هذا الذي أوقفناه في سريجكة، سقط كأس الشاي من يده، عندما وقعت عيناه على شهاب، فإعتقله الرفاق وجردوه من السلاح. في اليوم التالي علمت أجهزة الأمن بما جرى، فاعتقلت شهاب وعائلته وردا ً للاعتبار طُلِبَ منه تصفية قادة محلية دهوك الذين تابعوا هذه القضية، وعلى وجه العجالة طلب شهاب إجتماعا مع قادة المحلية لأمر مهم وتمكن في كمين في أطراف العمادية في قرية دئرئ ، من إغتيال صلته الحزبية الشهيد ابو رؤوف (مجيد فيصل السهلاني) ومعه الشهيد سيدا عزيز(معلم عزيز في احدى قرى العمادية) والشهيد خالد اسماعيل وإختفى. وفي رسالة خاصة من النصير دلوفان اميدي (عمادية ) المؤرخة في 11 شباط يقول فيها، الشهـيد أبو رؤوف إستشهـد على يد أحد عناصر الأمن أو الإستخبارات العراقية مع رفيقين أخرين وهـما سيدا ( أستاذ عزيز ـ تنظيم محلي) والرفيق خالد إسماعيل والذي كان يعمل ضمن تنظيمات الحزب الداخلية في العمادية. لقد إستطاع عنصر الأمن هـذا للأسف أن يقنع بعض قيادات الحزب وبالأخص الرفيق أبو رؤوف وبعض الرفاق في قيادة السرية الخامسة آنذاك إنه يود التعاون مع الحزب بالرغم من كونه يعمل مع جهـاز الأمن العراقي (مزدوج- الكاتب ) رغم الكثير من الشكوك والحذر من هـذا الشخص من قبل الرفيق أبو رؤوف لكن للأسف إستطاع هـذا المجرم أن ينتهـز الفرصة ويغتال الرفاق الثلاثة في نفس المكان والزمان حينما كان هـناك لقاء الرفاق الثلاثة مع هـذا المجرم في قرية ( دئرئ) التي تبعد عن العمادية حوالي ٥ كم بإتجاه (دئرلوك) بحجة التنسيق معه لخدمة مصالح الحزب. ويضيف أنا والرفيق كاوه من عقرة كنا أخر من التقى بالرفيق أبو رؤوف وسيدا عزيز قبل إستشهـادهـم وذلك في قرية (سگئير)القريبة من قرية دئرئ. ولدي معلومات أكثر تفصيلية حول الموضوع إذا أردت معرفتهـا!

الشهـيد خالد هـو عم لثلاثة شهـداء كانوا ضمن صفوف الحزب وهـم الشهـيد وليد إستشهـد مع ٤ رفاق أخرين في عملية إقتحام لعدة ربايا قرب قرية سگئر ( ربية الخمس شهـداء)، مؤيد أستشهد في قرية (إبراهـيم زلا) خلال رمي عليه من العمادية من قبل الجيش بواسطة (الدوشكة) وأخوهـم الأصغر أحمد والذي أستشهـد في قرية كانئ مع رفيق أخر وقعوا في كمين نصبه عناصر من الأستخبارات (الجحوش).

 

أبـــــــو( ط )

كان المدعو مسؤولاً حزبيا وتنظيميا عن أطراف بغداد في فترة السبعينيات، وكادرا حزبيا ذا خبرة جيدة. وقبل وصوله الى كردستان عمل في تنظيمات بيروت وبلغاريا وسوريا للحزب. ولكونه عضو منطقة صار عضوا في قيادة قاطع بهدينان مع توما توماس (ابو جوزيف) وسليم اسماعيل (ابو يوسف) وبعد ذلك مع مهدي عبد الكريم (ابو العباس) ومعهم ابو باسل (ابو جمال)، ثم اصبح مسؤولا عن منطقة هيركي حيث توجد قاعدة هناك تتواجد فيها سرية من الأنصار.

وبعد المؤتمر الرابع للحزب تشرين الثاني 1985 قرر الحزب إرساله، من ضمن عدد من الكوادر، الى الداخل لاعادة التنظيمات الحزبية واعادة الصلة مع المنقطعين. وقبل حدوث الأنفال عام 1988، التقى بعائلته التي اثرت عليه كثيراً، لاسيما حين رأى ابنه ضابطاً في القوات المسلحة العراقية. ومن خلال ابنه التقى مع كبار المسؤولين في الدولة العراقية ومنهم وطبان التكريتي ومسؤولين في جهازي الأمن والمخابرات وتعاون معهم وأصبح أحد عملائهم.

وللنصير صباح كنجي رواية أخرى حيث يقول:

" المعلومات التي إستجمعتها عن أبي (ط) تؤكد تعاونه مع اجهزة الأمن، منذ فترة إنزلاق قيادة الحزب الشيوعي لنهج الجبهة في السبعينات، وهو نائب ضابط من مناطق تكريت من حيث المنشأ والولادة حسب معلومات الكاتب إبراهيم احمد الذي يعرفه معرفة دقيقة، أما معرفتي به فتمتد إلى بدايات تشكيل الأنصار، حيث إلتقيته لأول مرة في مقر كوماته في بهدينان".

وبعد الهجمة " بقيت متخفيا ً في كهوف كردستان في ظل ظروف قاسية جدا، وعلى إتصال بعدد محدود من تنظيمات الداخل، حينها وفي تلك الأيام الصعبة وصلتني معلومة بوجود أبو (ط) في بغداد، وإنه عميل للنظام البعثي، وصلته مباشرة مع مدير الأمن العام، وقد أهداه سيارة ودار سكن".

ويضيف " في دهوك جاءنا جهينة بالنبأ اليقين، كنتُ حينها سكرتيرا ً لمحلية نينوى، وعضوا في لجنة إقليم كردستان، التي كانت مندمجة مع اللجنة المركزية، في صيغة عمل تخطط لإعداد وثائق المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي الكردستاني. جاءني احد الأصدقاء مِمَنْ إلتقى بشخصية هامة تعمل في مديرية الأمن العامة مباشرة ً وقال لي: أستطيع أن أؤمن لك لقاء مع شخص لديه معلومات هامة عن وجود إندساس خطير في صفوف حزبكم، وسرد لي ما عرفه بعجالة، لديكم تنظيم في بغداد، يعمل فيه أكثر من 100كادر ويقوده عضو المكتب السياسي أبو فاروق وعدد من أعضاء اللجنة المركزية. التنظيم مكشوف من قبل الأمن، وأحد العاملين فيه يدعى أبو (ط) عميل امن، وجميع مراسلات الحزب مكشوفة، بما فيها شفرة المكتب السياسي، الخاصة للمراسلة مع كوادر الحزب، والدور والبيوت التي ينزل فيها كوادركم جميعها بعلم الأمن، كذلك المراسلين هم من معتمدي الأمن، أمّا الدار التي ينزل فيها أبو فاروق فهي مراقبة بالفيديو في داخل غرفه زرعت كاميرات تصوير دقيقة وأمام الدار شقة للمتابعة والمراقبة يديرها ضابط بدرجة عقيد، و لكل كادر رقم سري لضبط حركته، المسدسات سحبت ابرها وأستبدلت بطريقة لا تطرق كبسولة الإطلاقات، للأمن نسخ من مفاتيح البيوت التي يتواجد فيها الكوادر، إلخ . كانت تفاصيل مخيفة ومقززة للغاية. وقفت مذهولا ً أمام هذه المعطيات، وفكرت بالطريقة التي يجب أن اتبعها لمواصلة متابعة الموقف وإحتمالات أن التقي بالشخص أو تصلني منه معلومات خطية خلال يومين"  .

" أثناء خروجي إلى سوريا في منتصف تشرين الأول من عام 1989، نقلت لقيادة الحزب من خلال توما توماس، الذي كان يقود محلية نينوى، ويشرف على مكتب القامشلي، وكذلك في دمشق عبر حميد مجيد موسى الذي كان يشرف على التنظيم المركزي للحزب برسائل تحريرية مجموعة أخبار عن الداخل، كان من بينها وأهمها، مسألة تعاون أبو(ط) مع الأمن وتواجده في بغداد، بتلك التفاصيل التي لم تكن من نسج الخيال. وفي اليوم التالي إتفقنا على أفكار أولية لتكون أساس خطة للتحرك، من أجل إنقاذ الرفاق في الداخل، أولا حصر الموضوع وعدم تسريب أية تفاصيل عنه لأية جهة والفكرة الثانية كانت الدعاية لقرب إنعقاد المؤتمر الخامس، من أجل أن تنطلي مهمة سحب الجميع على السلطة وأجهزتها".

" قرر(حميد مجيد موسى) أبو داود إرسال رسالة إلى بغداد من خلال خط يجري فيه فتح البريد وتصويره من قبل جهاز الأمن قبل إيصاله وتسليمه لأبي فاروق. فتم بهذه الطريقة إستدعاء الجميع على مراحل لحضور المؤتمر الموعود، فوصل عدد منهم إلى شقلاوة، حيث جاء أعضاء اللجنة المركزية التسعة من بغداد (أبو فاروق، أبو يسار، ماموستا كمال، ابو ربيع، ابوعلي،  جلال الدباغ، ابو عادل). وكان الوحيد الذي سبق هذه الأحداث وقرر أن ينسحب ويغادر بغداد لأنه كان يشك في سلامة التنظيم ويعتبره مخترقا، هو عادل حبه (أبو سلام) الذي إلتقيته في دهوك وحدثني عن شكوكه وإحساسه بالمراقبة على مدار اليوم أينما يحل ويمضي، وكان حدسه في محله".

 أمّا بقية الكوادر في اللجان القيادية المحيطة باللجنة المركزية فكانوا (أبو حياة، سعدون، ملازم أزاد، نادية، حيدر حنفي، أبو قاسم، سالم، ناظم، ماجد، زاهدة، أبو دريد، أم دريد أم بهار وأخرون).

وفي حوار تلفوني مع النصير صباح كنجي يوم 24/1/2020 أكد لي بأنه يعتقد بأن العميل ابو(ط) كان يعمل مع النظام منذ الجبهة الوطنية. وفي أواخر السبعينات، عمل مساعدا للقيادي السابق فخري كريم في بيروت وفي موضوع إرسال الرفاق الى كردستان العراق للإلتحاق بالكفاح المسلح. كما يعتقد الرفيق كنجي بأن هذا العميل هو من سرب الحقيبة التي إحتوت جوازي سفر (هدية من منظمة التحرير الفلسطينية) لإنقاذ الشهيدين الدكتور صفاء الحافظ وصباح الدرة، مما أدى الى إلقاء القبض عليهما وإعدامهما تحت التعذيب الوحشي. كما كانت له مساهمة في الوشاية بمكان الرفيقة الشهيدة عايدة ياسين (ام علي).

ويشير الرفيق صباح لي بأنه " وصل ضابط أمن الى دهوك، فالقينا القبض عليه وجرت معه مساومة، فطلب يومين لتزويدنا بمعلومات كاملة عن وضع رفاقنا في بغداد. وبعدها أكد لنا بأن رفاقنا وكوادرنا مكشوفون وتحت سيطرة الامن، وان الذي يدير كل ذلك امنيا وماليا هو ابو(ط). ارسلنا رسالة بذلك الى سكرتير الحزب عزيز محمد والمكتب السياسي في شقلاوة، فأرسل لنا ابو داود وابو جوزيف، فالتقيا مع هذا الضابط وخرج ابو داود منفعلاً، لان خطوط الحزب تحت سيطرة الامن. وللمعالجة، أرسلنا بياناً من محلية نينوى نلمح فيه الى ان الحزب سوف يعقد مؤتمرا في الفترة القادمة. كما أرسلنا رسالة من المكتب السياسي الى الرفاق في الداخل، كي تمر عبر الأمن فتنطلي عليهم الخدعة. فعاد على ضوء ذلك، تسعة من اعضاء اللجنة المركزية وعشرات الكوادر الحزبية ومنهم ابو (ط)" كما ذكرنا انفا.

ابو هيمن *

وهو كادر حزبي وعضو محلية في محافظة المثنى، من تنظيم الفرات الاوسط. ذهب الى التنظيم السري لنفس المهام السابقة أي اعادة الصلات التنظيمية المقطوعة، وكان يتردد على قواعد الأنصار للقاء قيادة الحزب. في إحدى الجولات التي قامت بها مفرزة حزبية، ضمت أبو هيمن، في دشت سينا في بهدينان، رأه الشهيد أمين ـ عادل حجي قوال ـ  يلتقي بعنصر أمني ويستخدم داره كمحطة أولى أثناء سفره لأداء مهمته في الوطن. فأبلغ حينها الأمر الى أبي سيروان ـ حاجي سليمان ـ الذي كان سكرتيرا ً لمحلية نينوى، وبدوره أبلغ المكتب السياسي.

يشير توما توماس في مذكراته الى:

" تم تشكيل مفرزة من 13 رفيق وصديق يقودها ملا حسين عسكريا وبمرافقة الرفيق فارس رحيم عضو محلية السليمانية مستشارا سياسيا، وكان في عدادها عدنان الطالقاني (ابو هيمن). قامت المفرزة بجولة في المنطقة لعدة ايام دون ان تصطدم باية عراقيل. وفي 24/3/1980 اقتربت من قرية قزلر، فاتفق الرفاق على تناول طعامهم في القرية دون اعتراض من احد رغم وجود قرار واضح بعدم دخولهم القرى نهارا. دخلت المفرزة الى القرية دون وضع حراسة مشددة لها، وتوجهوا الى الجامع وانتظروا ان يجلب لهم الطعام. لكنهم فوجئوا بطائرات هليكوبتر تهبط قرب الجامع وهي تفرغ حمولتها من المرتزقة الجحوش الذين باشروا باطلاق النار باتجاه الجامع. عادت سبع حومات اخرى الى القرية وانزلت حمولتها من الجنود. كانت مفاجئة قاتلة للانصار فاضطروا لدخول معركة غير متكافئة في محاولة منهم للانسحاب نحو الجبل، فاستشهد اثناء القتال خمسة رفاق فيما استطاع بقية الأنصار الوصول الى الجبل حيث تحصنوا هناك. تأخر ابو هيمن من اللحاق بهم اثناء تركهم القرية واعتبروه شهيدا لكنه التحق بهم بعد انسحاب المرتزقة وادعى انه اثناء القتال اختفى في دورة المياه(التواليت) حتى انسحاب تلك القوة. لكن بعد حين تكشفت امور كثيرة عنه، اكدت علاقته بالمخابرات واجهزتها خلال تواجده في الداخل، الامر الذي عزز الشكوك بعلاقته بأشعار السلطة بمعلومات عن تحركات المفرزة ودخولها قزلر".

وقام ابوهيمن بطلب من الأجهزة الأمنية بإستدراج عضو اللجنة المركزية أبو تانيا (عدنان عباس) إلى الجنوب، في إطار خطة خلت من التحرش به أو إعتقاله، وذلك لرفع رصيد أبي هيمن لدى قيادة الحزب. وقد مر أبو تانيا خلال تواجده في الداخل بالعديد من المحطات الأمنية المهيئة للعمل كبيوت حزبية سرية، فإنطلت الحيلة عليه وصار ضحية مخطط أمني عال ِ المستوى، لم تسعفه ملاكاته المحدودة ونظرته الإيجابية لأبي هيمن للشك بالامر. علما إن أبو هيمن كان من العملاء المكشوفين حيث دارت حوله الشبهات منذ أن كان في السماوة في فترة الجبهة، وكان الرفيق ابو علي احد المسؤولين في الداخل قد اقتنع بعمل ابو هيمن مع الأجهزة الأمنية .

ويشير عدنان عباس (ابو تانيا) في كتابه (هذا ما حدث) عن صلته بأبي هيمن فيقول:

" في منتصف عام 1985 وصل (ح . م) الى مقر المكتب السياسي في بهدينان قادما من بغداد، وكان على علاقة مع (ابو هيمن)،  فنقل لنا خبر اعتقال نعيم مجالي (ابو سمير)، الذي اعتقل في حزيران 1985 واطلق سراحه! و في لقاء سري لأبي سمير مع الرفيق محمد رزاق خضير (ابو حازم) الذي كان (ح. م) يقيم في بيته طلب اشعار الحزب بأن سبب اعتقاله يعود الى ابي هيمن. وتوقع هؤلاء الرفاق الثلاثة احتمال تعرض ابو هيمن للاعتقال، وتعاونه مع اجهزة النظام، ووشايته بأبي سمير الذي اعيد اعتقاله فيما بعد مما أدى الى استشهاده.

بدورنا احطنا المكتب السياسي علما بكل هذه الوقائع. وبعد ايام قلائل من عودة (ح.م)، اخبرني عمر علي الشيخ (ابو فاروق) بوصول ابو هيمن الى كردستان وكان يحمل بريدا معنونا الى ابي فاروق الذي بدوره اطلعني على جانب منه، ولم تك هناك إشارة الى اعتقال الرفيق ابو سمير.

طلبنا من ابي فاروق استدعاء ابا هيمن الى مقر المكتب السياسي، وعقدنا اجتماعا معه حضره قاسم سلمان (ابو الجاسم ) و (ح.م)*** وتمت مفاتحته بالشكوك وكان جوابه النفي. الا ان ما كان يشغل بالنا بعد هذه المعلومات هو القلق على مصير الرفاق الذين هم على صلة به في الداخل، ومدى امكانية سحبهم بالاتفاق مع ابي هيمن ولهذا اشعرته بشئ من الاطمئنان عن موقفنا بصدد هذه المعلومات".

ويبدو من خلال ما تحدث به ابو تانيا ان ابو هيمن كان يعمل مع الجهات الأمنية وهو ينسق معها وقد استطاع ان يكّون تنظيمات او حلقات اتصال بعلم ومعرفة الأجهزة الأمنية بما فيها دخول ابو تانيا للداخل في حين ان الأجهزة الأمنية سهلت نزول الرفيق ابو تانيا الى الداخل.

وانا شخصيا (الكاتب) قال لي أبو تانيا: قل لي من استطاع النزول من قيادة الحزب الى الداخل غيري انا؟ اتحداهم!!

كان للاجهزة الأمنية عملاء في مواقع تواجد الأنصار والبيشمه مركة ولهذا لديهم معلومات عن اسماء البعض من الأنصار. وعن هذا يكتب السعدي فيقول:

" ناداني أحدهم بعنف أن استمع إلى شخص آخر كان متواجدا ً في الزنزانة قائلا لي: أنت لطيف ولك ليش تنكر كل شيء. ألم تكن في الفصيل المستقل وتنام في الغرفة مع الخونة. وبدأ يعدد لي أسماء الرفاق، وقال أما الخونة الذين سبقوك في النزول إلى بغداد أبو سالار، ابو بشرى، ابو سرمد، ابو احمد، ابو عبير، ابو أثير، بعضهم قتل والاخرون تحت سيطرتنا، وستلتحق بهم أنت أيضاً".

 

المصادر

- محمد السعدي -سجين الشعبة الخامسة

- سعد العبيدي وأد بطل نهاية جيش وملحمة– مواقع الكترونية

-شمال عادل سليم كتابات عن قضية ممو في 4 حلقات عن موقع الناس الالكتروني وهو متاح للجميع

-اوراق توما توماس 2017

-مقال صباح كنجي في المواقع الالكترونية

-عدنان عباس –هذا ماحدث

*ومع كل ذلك يكتب فرهاد محمد رسول في كتابه (حين تخترق الخيانة الحدود)هناك اشياء اخرى مهمة وبارزة حدثت في اربيل منها- مداهمة واستشهاد الرفيق ماموستا كوجر في حي الجمهورية والتي كان لها صدى كبيرجدا ،وخاصة طريقة مداهمته ومقاومته وصموده البطولي والذي مثل صورة لم يكن لها مثيل في تاريخ مدينة اربيل ان لم اقل اكثر من ذلك. وكذلك مداهمة واستشهاد الرفيق بيشرو في حي العمال والذي حدث في نفس الوقت وبنفس الطريقة وكان لها صدى واسعا وكبيرا جدا ايضا.

**عدنان الطلقاني ابو هيمن التحق في صيف 1979 عضو منطقة ولم يجر التعامل معه وفق صفته الحزبية لاسباب نجهلها. ارسل للعمل في الداخل وكان ينتقل بحرية بين بغداد وكردستان .اثيرت حوله الشكوك على انه يعمل لحساب الامن. كانت اخر مرة جاء الى كردستان خريف 1985 بغية المشاركة في المؤتمر الرابع ,ولم يسمح له لاسباب امنية. ومع ذلك ارسل الى بغداد رغم كل ملاحظات العديد من الرفاق .وكانت المرة الاخيرة لزيارته لكردستان.تأكد عمله في الامن والمخابرات, سافر ابنه اواخر سنة 1985 عن طريق الحزب مارا من القامشلي بمساعدة الحزب وبتزكية من م.س. ومسؤول العبور في القامشلي (عن كتابات توما توماس)

***(ح . م.) نتحفظ على ذكر اسمه الصريح.

 

عرض مقالات: