حملت الرأسمالية المعولمة تغيرات سياسية في حركتها التوسعية عاقدة كثرة من المساومات الدولية بهدف الحفاظ على مصالحها الطبقية الناتجة عن هيمنتها السياسية على سلطة البلاد الوطنية.

في نزاعاتها الطبقية في الطور الرأسمالي المعولم انتقلت الرأسمالية (الظافرة) من نهوج المساومة الطبقية الى الهجوم على المكتسبات السياسية لطبقات تشكيلتها الاجتماعية عاملة على مراجعة حقوق الطبقات الاقتصادية – السياسية المكتسبة بما يتلاءم وسيطرتها الدولية. انطلاقاً من تلك التبدلات في سياسة وفكر الرأسمالية المعولمة نحاول التوقف عند السمات الجديدة الناظمة لسياسة الرأسمالية المعولمة وانعكاسها على الكفاح الوطني الديمقراطي لغرض الحد من النزعات التخريبية للرأسمالية المعولمة في السياسة   الدولية.

1

اولاً – وحدانية التحالف العسكري

تهدف الرأسمالية المعولمة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية الى اعتماد حلف الناتو كأداة تدخلية في السياسية الدولية واعتباره أداة عسكرية وحيدة قادرة على صيانة مصالح الدول الرأسمالية الكبرى وبهذا الإطار تسعى الرأسمالية المعولمة الى تفعيل قوانين الدولة الرأسمالية الوطنية ورفعها الى مستوى القوانين الدولية بديلا عن قوانين الشرعية الدولية.

ثانيا- سيادة النزعة الكسموبولوتية.

ان التحولات الجذرية الحاصلة في فكر الرأسمالية العالمية يتمثل بانتقالها من السيطرة الاستعمارية القومية على الدول الوطنية واستبدالها بموضوعة الهيمنة (الأممية) وبهذا السياق تسعى الرأسمالية المعولمة الى تشكيل قيادة (اممية) من الطغم الحاكمة في الدول الكبرى بهدف بناء مركز دولي للاستغلال والهيمنة الدولية.

ثالثا- التحول من الشرعية الديمقراطية الى الشرعية الانتخابية.

- الهيمنة الدولية المشار اليها تترافق ومساعي دول الرأسمالية المعولمة الهادفة الى تقليص الشرعية الديمقراطية في بناء النظم السياسية في الدول الرأسمالية الكبرى والدول الوطنية وتقليص المنجزات الاقتصادية والسياسية التي حصلت عليها الطبقات الاجتماعية في كفاحها الاجتماعي.

رابعا – اعتماد قوانين الدولة الرأسمالية في العلاقات الدولية.  

تسعى دول الرأسمالية المعولمة الى اعتماد القوانين الوطنية بديلا عن القوانين الدولية في العلاقات الدولية فضلا عن تجاهل قوانين الشرعية الدولية وعدم التقيد بقراراتها الدولية.

خامسا - شرعنه التدخلات الدولية في الشؤن الوطنية.

وحدانية التطور الرأسمالي وهيمنته الدولية افضيا الى زيادة التدخلات العسكرية في شؤن الدول الوطنية ومساندة القوى اليمينية الناشطة في الصراعات الوطنية.

ان سمات الرأسمالية المعولمة تقود الى خراب العلاقات الدولية وتفضي الى اندلاع الحروب الاهلية والإقليمية الامر الذي يتطلب بناء رؤية فكرية – سياسية مناهضة لنوازع الرأسمالية المعولمة الكارثية.

اعتمادا على تلك السمات نتوقف عند الشرعية الانتخابية في البلدان الوطنية ومباركتها من قبل المراكز الدولية الكبرى.

2

الدول الوطنية والشرعية الانتخابية.

قبل تأشير مضامين الشرعية الانتخابية المباركة من دول الرأسمالية المعولمة نتوقف عند سمات الدول الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية في مرحلة وحدانية التطور الرأسمالي.

سمات التشكيلات الاجتماعية في الدول الوطنية.

  • تراجع الفكر السياسي اليساري المناهضة للهيمنة الاجنبية وسيطرة الطبقات الفرعية المساندة للرأسمالية المعولمة يشكل السمة الغالبة في تشكيلات الدول الوطنية.
  • من خلال ذلك تسعي الطبقات الفرعية الى تأكيد شرعيتها الوطنية اعتماداً على الشرعية الانتخابية الضامنة لاستمرار هيمنتها السياسية بمباركة دولية.

- اعتمادا على تلك السمات يمكن توصيف الشرعية الانتخابية في الدول الوطنية بشرعية ديمقراطية انتقالية بسبب –

أ - هيمنة الطبقات الفرعية على السلطة السياسية.

ب- ارتكازها على أسلوب انتاج رأسمالي تابع وعدم اعتمادها على برامج وطنية - اجتماعية.

ج - اعتماد الشرعية الانتخابية على الولاءات الطائفية والإقليمية بدلا من الولاء السياسي لبرامج الأحزاب الديمقراطية.

د- عجز الشرعية الانتخابية عن بناء دولة وطنية ديمقراطية.

ه- استنادا الى تلك المواصفات يمكن اعتبار الشرعية الانتخابية اداة سياسية بيد الدول الرأسمالية الكبرى في التدخل في الشؤن الوطنية.

بالرغم من المخاطر التي تحملها الشرعية الانتخابية الا انها تشكل مرحلة سياسية لابد منها في ادامة التوازنات الاجتماعية في الدول الوطنية أولا, وضمانة لاستبعاد التدخلات العسكرية الدولية في  الشؤن الداخلية ثانيا ومنع التحول نحو النهوج الدكتاتورية في السياسة الوطنية ثالثاً.

امام هذه المخاطر والتحولات السياسية في العلاقات الدولية تبرز امام الحركة الوطنية الديمقراطية مهام جديدة تتلخص كما أراها بالموضوعات التالية –

 وحدة وطنية ديمقراطية مناهضة للتبعية والتهميش.

انطلاقا من وحدانية التطور الرأسمالي وسيادة الطبقات الفرعية على سلطة البلاد السياسية فضلا عن سعي القوى الوطنية الديمقراطية الى بناء جبهات وطنية تستمد فعاليتها من تشكيل وحدة وطنية ترتكز على برامج وطنية تعتمد الموضوعات التالية-  

أولا – بناء دولة وطنية مناهضة للتبعية والتهميش.

ان المخاطر الجديدة المحيطة بالدولة الوطنية المتمثلة بالتبعية والتفكيك تشترط على القوى الديمقراطية الشروع ببناء دولة ديمقراطية هادفة الى صيانة مصالحها الوطنية.

ثانياً - بناء سلطة وطنية ديمقراطية

سلطة وطنية مناهضة لسياسة التبعية والتهميش تسعى الى تلبية المصالح الأساسية لطبقات تشكيلتها الاجتماعية بعيدا عن الهيمنة الحزبية والتدخلات الدولية.

سلطة ديمقراطية تسعى الى تحويل الشرعية الانتخابية الى شرعية ديمقراطية تعتمد البرامج الاجتماعية - الاقتصادية الانتخابية.

سلطة ديمقراطية تسعى الى محاصرة الطبقات الفرعية وتحجيم مساعيها السياسية الهادفة الى التمسك بالسلطة السياسية والتحالف مع العالم الرأسمالي – الإقليمي.

ان البرنامج الوطني الديمقراطي الذي تنشده القوى الوطنية الديمقراطية يستمد واقعيته الفكرية السياسية من ركيزتين أولاهما السيادة الدولية لإسلوب الإنتاج الرأسمالي وطوره المعولم المتسم بالتبعية والالحاق. وثانيهما مستلزمات النهوض بقوى التيار الديمقراطي الهادف الى بناء دولة وطنية ديمقراطية قادرة على مناهضة قوانين الرأسمال الدولي المتسمة بالتبعية والتفكيك.

عرض مقالات: