أغلب أوضاعنا مؤلمة، بل أجمعها كذلك، ولكن أكثر ما آلمني في العام الماضي كان مشروع قانون الموازنة لعام 2021 المُقَدم من الحكومة الى البرلمان حينها، لاحتوائه على فقرات تتيح للحكومة بيع أصول الدولة العراقية بما فيها الحقول النفطية والمكامن المعدنية بالإضافة الى شركات وزارة الصناعة وبقية ممتلكات الدولة العراقية. وحسناً فعلت اللجنة المالية ورئيسها الدكتور المهندس هيثم الجبوري لكونها تصدت لذلك الفعل الهدام.

لا أستطيع نكران تشجيعي للقطاع العام أكثر بكثير من القطاع الخاص لكون الثاني في دولنا شبه النامية ينطوي على ظلم للأغلبية العاملة بسبب القوانين النافذة بعكس الدول المتقدمة والتي ترعى قوانينها جميع شرائح المجتمع.

واليوم وبعد كل المتغيرات أعتقد بان لابد للقطاع الخاص أن يأخذ دوره المفتَرَض في البناء والتنمية والبدء في القضاء على الفقر. طيلة السنوات الماضية الدولة تمنح رواتب لموظفي شركات وزارة الصناعة والمعادن (على سبيل المثال) بمليارات الدنانير دون أي مردود من منتوجاتها المفترضة، وبالتأكيد بقية مؤسسات الدولة باستثناء القطاع النفطي وكأنها تتعامل مع برامج رعاية اجتماعية.  

والمقترح هنا لتشغيل آلاف المعامل المعطلة عمداً، أن تباع أصول هذه الشركات ومعاملها لمنتسبيها حصراً دون غيرهم عن طريق تأسيس شركات مساهمة وتباع الأسهم وفق آلية مناسبة ولا بأس أن تبقى للدولة حصة معينة. ولابد للدولة من اسنادهم لعدة أشهر كي تتم معالجة العطلات والتوقفات ومن ثم التشغيل والاستمرار بالعمل النمطي وسد حاجات المجتمع العراقي ومن بعدها جني الارباح التي يفترض أن يوزع جزء منها الى العاملين كحوافز مالية والجزء الآخر يخصص للتطوير والتحديث بموجب امكانيات تلك الشركات وقوانينها.

لماذا نخصص البيع للمنتسبين فقط؟ أولاً عندما يشعر المرء بان له حصة في هذا العمل فانه يستقتل في الحفاظ عليه وتطويره بغية الاستفادة المادية التي نحن جميعاً بحاجة لها في الوقت الحاضر، ونحن هنا سنخلق انساناً حريصاً على عمله وتطويره، وستكون لدينا صناعة ذات قاعدة رصينة قابلة للتطور، وكم نحن بحاجة الى هذا الانسان الذي اعتاد على سوء الأداء في جميع مفاصل الوطن طيلة سنوات ما بعد التغيير. ثانياً ربما سنخلق اشتراكية من نوع خاص تلائم ظروف الوطن الحالية كما فعلت الصين بتبنيها نهجاً اقتصادياً جديداً فتح لها الآفاق الكبيرة لتطوير منتجاتها الصناعية والزراعية والخدمات وبات نموها يشكل الأول في العالم لسنوات عديدة ودائماً يتخطى نسبة 6%.

الملكية الشخصية تشجع الانسان دائماً على الحفاظ عليها وتطويرها وزيادة أصولها وربما تكون غريزة عند البعض او الجميع، فاستثمار هذه الغريزة في انجاح عمل هذه الشركات المعطلة حالياً أو التي تعمل جزئياً وجعلها تعمل بالطاقة المتاحة وصولاً للطاقة التصميمية أمر يصب في صالح المجموع، فمن يريد بيع هذه الشركات عليه ان ينتبه لهذا الأمر، مع العلم بان في العراق الآن من يمتلك رؤوس أموال هائلة بإمكانه شراء أو تشييد منشآت ضخمة أو حتى مجمعات صناعية  كمصافي النفط أو مصانع البتروكيمياويات أو منشآت الطاقة النظيفة او التي تعمل بالوقود الأحفوري وغيرها، ولكن نجاحها في الطريقة التساهمية سيكون أكثر.

ومن باب آخر فالدولة ستحتفظ برواتب منتسبي تلك الشركات وبإمكانها التصرف بتلك المبالغ الكبيرة في مجالات أو مشاريع أخرى ذات فائدة عامة.

عرض مقالات: