أليس من حقنا بوصفنا كائنات بشرية تعقل وتتعاطف.. ان نتفاءل؟ أليس من حقنا بوصفنا عراقيين ان نعد العراق عراقنا وليس لاحد سوانا..
وهذا عز الطلب، وصواب الرجاء، أمام وطن بتنا غرباء عنه..
وغربة الداخل اشد وقعاً وتأثيراً ومرارة من غربة الخارج..
آلاف من العراقيين المتظاهرين، خرجوا لا بطراً ولا مظهراً وانما لأنهم أحسوا بالغربة داخل وطنهم، بعد ان تراكمت الاعوام وشاخ الزمن، وهم يريدون ان يتنفسوا اوكسجين الحرية ورغيف الكرامة وجبهة الاباء..
وكلما مدّ العراقي عنقه ليتنفس الامن والسلام والطمأنينة، يفاجأ بعقبة وأزمة ومشكلة وعثرات لا تعد ولا تحصى.. ومن دون ان يحسب للعراقي اي حساب، بات من المألوف ان يصادر رأيه في انتخابات وأوامر ومتطلبات يومية، حتى بات عصياً على العراقي ان يروي ظمأه بماء نقي وبلاده تدعى بلاد الرافدين، وان يشرق صباحه بشمس تضيء له درب يومه من دون منغصات..
العام الماضي انطفأ شأنه شأن كل الاعوام المرة التي انطفأت من دون ان يتوقف أحد عند ثقلها ومآسيها ومنغصاتها التدميرية.. ذلك انه لا أحد له شأن بأحد إلا على وفق ما يحقق مصالحه الذاتية والفئوية.. وهذه هي المحطة الاساس فيما نعانيه على مدى السنوات الكسيحة المنصرمة.
ولم نجد من المسؤولين والمعنيين بشأن العراق والعراقيين من له شهية الاطلاع على اوضاع الناس وحقوقهم في الحياة الحرة الكريمة.. بل يدعون ان يصلح الاحوال من لا حال له ولا حضور!
وما من احد ينكر ما جرى من اعوام مرة وثقيلة وصدئة على العراقيين.. إلا من بهم وهم الغنيمة والظفر في ظروف استثنائية اغتنموها على عجل وباتوا يعدونها هي الافضل في حياة عراق ابتلي بالمرارات كلها.
الان.. ونحن نفتح عيوناً متفائلة.. لا تريد ان تبصر المستقبل على وفق ما تراه؟
هل نتفاءل بالاستقرار والايام الوردية الآتية في ظل مؤسسات وطنية يتولاها وطنيون حقيقيون حريصون على أموال وحقوق الناس، حفظهم لاموالهم وحقوقهم الشخصية؟
هل نخرج من الازمات الحادة والقلقة التي تواجهنا اليوم ونعمد الى فتح صفحة جديدة ابتهاجاً بعالم جديد نتقدم فيه بوردة التفاؤل والحياة الرغيدة؟
هل نمني انفسنا بالضوء القادم إلينا من خيرات بلادنا ووطنية القائمين على ادارة بلادنا؟
كل هذا ممكن.. اذا تحققت الارادة السليمة والمشروع الوطني الخالص والقوى التنفيذية الصادقة والكفء.
هذا ليس صعباً على عراق زاخر بالثروات والكفاءات والخبرات والشبيبة العازمة والابية والمخلصة والمبدأية .
نعم.. هذا يمكن ان يكون استعداداً لعمل مثمر يختلف عن الازمنة العجاف التي مررنا بها من دون ان نعي ما حولنا من منغصات وازمات.
كل شيء ممكن في عراق يمتلك امكانات ان يكون وان ينتقل الى حياة جديدة تتجاوز ما كان وما جرى.. لنبدأ سؤالاً منتجاً وفاعلاً يقول ويؤكد : ما العمل؟
العمل.. ان يكون الجميع على قدر من المسؤولية وعلى قدر من الاستعداد للعمل المنتج والبناء..

عرض مقالات: