طريق الشعب
لا تزال السلطات العراقية تواصل استخدام القوة المفرطة ضد المنتفضين السلميين منذ اندلاع التظاهرات مطلع تشرين الأول الماضي، على الرغم من الدعوات المحلية والخارجية المتكررة لوقف العنف.
وبحسب آخر الإحصائيات، فإنّ أكثر من 650 متظاهراً قُتلوا، وأُصيب نحو 26 ألفاً آخرين بهجمات للقوات الأمنية الرسمية، فضلا عن عمليات اغتيال نفذتها جهات مسلحة اكتفت السلطات بتسميتها بـ"الطرف الثالث".
ومع انطلاق الاحتجاجات وتصاعد الدعوات الرافضة للممارسات القمعية التي تقوم بها الحكومة "دون وجود سند قانوني"، برر رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، إجراءات القوات العراقية بأنّها تمت وفقاً لتشريع "حرية التجمع" (رقم 19 لسنة 2007) الذي أصدره رئيس سلطة الاحتلال الأميركي للعراق بول بريمر.
وبيّن عبد المهدي وقتها أنّ "الحكومة ستتعامل مع فقرات هذا القانون لإنهاء أي مظاهر للاحتجاج لا تحصل على موافقات رسمية"، وهو ما زاد من حدة الاحتجاجات التي قابلتها قوات الأمن بممارسات قمعية غير مسبوقة رافقها انتشار قناصين مجهولين تولوا مهمة قتل المتظاهرين.
ويحظر "قانون بريمر" على أي شخص أو مجموعة أو منظمة تسيير مسيرة أو تنظيم تجمع أو اجتماع أو تجمهر، أو المشاركة في أي من ذلك على الطرق أو الشوارع العامة في أكثر من منطقة واحدة محددة، أو في مكان محدد، إلا إذا كان هذا النشاط يتم بموجب تصريح من قائد قوات الائتلاف (القوات الأميركية والتشكيلات المتحالفة معها)، أو من قائد فرقة أو لواء يُشار لهم فيها باسم "سلطات الترخيص".
الخبير القانوني طارق حرب، قال في حديث صحفي، إنّ تشريع "حرية التجمع" الذي تحدث عنه عبد المهدي "غير قابل للتطبيق في العراق، بسبب كثرة ما يحمله من مواد مجحفة"، موضحاً أنّ "تطبيقه يُعد بمثابة عقوبة للعراقيين".
ووصف حرب القانون بأنه "غير منصف"، مذكّراً بأنّ السلطات العراقية حاولت تنظيم أمور التظاهر في مشروع "قانون حرية التعبير" الموجود في أدراج البرلمان منذ فترة طويلة.
من جهته، انتقد الأكاديمي المتخصص في مجال حقوق الإنسان سعد القره غولي، لجوء السلطات العراقية إلى استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين، دون أن تمتلك أي مسوغ قانوني لذلك، مؤكداً في حديث صحفي، أنّ "الدستور الدائم الذي صدر عام 2005، ضمّن حرية التعبير والتظاهر في أكثر من مادة، إلا أنه لم يشر في أي من مواده إلى حق الحكومة في قمع الاحتجاجات أو حتى منعها".
وفي ما يتعلق بـ"قانون بريمر"، قال القره غولي إنّ "جميع الأوامر التي صدرت عن بريمر انتهت بمجرد صدور الدستور، إلا أن الحكومات المتعاقبة تعكّزت على هذا الأمر لتواصل قمع المتظاهرين".
وتابع قائلا: "حتى البرلمان، فإنه مقيد في هذا الجانب، لأن إصداره أي قانون يقيد التظاهر سيفتح أبواب الانتقادات، وربما التدخلات الخارجية".