منذ الأول من أكتوبر الماضي وحتى الساعة ، في كل يوم نودع شهيدا ويترجل الفرسان عن صهوات جيادهم ، في سوح البطولة والفداء !..
يستشهد رجال ونساء أوفياء مخلصون وطنيون نزيهون ، وهم يدافعون عن الكرامة وحرية واستقلال وطنهم ، ورخاء شعبهم وسعادته وأمنه !...

في كل يوم يسقط لنا شبل أو لبوة ، يترجلون في سوح النضال بعد استهدافهم من قبل النظام الرجعي الظلامي المتخلف وقواته الأمنية وميليشياته العنصرية ، بإطلاق النار عليهم،  وهم عزل لا يحملون أي سلاح .

يستهدفون البعض من هؤلاء الناشطون والناشطات ، أثناء عودتهم من سوح التظاهر في طريق العودة الى بيوتهم ، مثل ما حدث قبل يومين للناشط المدني في كربلاء قرب منزله عندما استهدفه مجرمون قتلة بعد ترجله من على دراجة نارية كان برفقة صديق له ، فأطلقوا عليه عدة إطلاقات نارية غادرة من كاتم صوت فأردوه صريعا في الحال.  بالأمس يسقط لنا شهيد ومناضل أخر ، على أيدي أعداء الإنسانية ، ناشط من مدينة الشعب هو الرفيق والناشط المدني علي اللامي ، أثناء عودته من ساحة التحرير في بغداد الى داره في مدينة الشعب ، وبعد أن وجدوه ملقي على قارعة الطريق وقد أطلقوا عليه عدة رصاصات قاتلة على رأسه ، المجد للشهيدين المغدورين والموت للقتلة المجرمين .

استهداف المعتصمين والمحتجين والمتظاهرين في سوح التظاهر، وملاحقة الناشطين وتتبع أثرهم واستهدافهم وقتلهم أو اختطافهم واعتقالهم ، وبأساليب إرهابية قمعية شنيعة ، هذا يدل وأقل ما يقال عنه ، بأنها جريمة نكراء و عداء سافر للحريات وللحقوق وللديمقراطية وللتعددية ، ولحق الإنسان في الحياة وفي التعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق التي كفلها الدستور والقانون .

لم يعد هناك أدنى شك بأن هذا النظام لا يعبه بالدستور والقانون، ولا يعير أي احترام بالشرائع والأعراف الدولية ، التي تقف بالضد من أي مصادرة للحقوق والحريات التي كفلتها شرائع الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بالكرامة الإنسانية وحق الناس بالحياة وبالعيش الكريم ، ولن تساوم على تلك الحقوق أي نظام على كوكب الأرض ولن تتستر على مرتكبيها .

الإدانة والاستنكار والشجب لم يعد مجديا ، أمام هكذا نظام قاتل ومجرم ومنتهك لأبسط الحقوق والحريات ، هذا النظام لم يعد يصغي لأحد ، مهما عظم شأنه وقدرته على التأثير في المشهد الدولي !..

والدليل على ذلك وبالرغم من كل تلك المناشدات واللقاءات المباشرة وغير المباشرة ، التي قامت بها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في بغداد وطاقم مكتبها مع الحكومة العراقية ومع الرئاسات الثلاث الأخرى ، وبالرغم من الوعود السخية التي يقدمها النظام وتأكيده على الالتزام وحفظ وسلامة وأمن المتظاهرين والناشطين ، ولكن حقيقة الأمر لا يوجد أي التزام بهذه التعهدات والالتزامات على أرض الواقع !..

عمليات القمع بأشكاله المختلفة ضد المعتصمين والمتظاهرين والمحتجين مستمرة ، ولا يمر يوم من دون ضحايا ومن دون دماء ، وهذا لا يمكن استمراره أو السكوت عليه والاكتفاء بالاستنكار والشجب والإدانة !..

ولقد حان الوقت والواجب يحتم على الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بالحقوق والحريات ، والدول والشعوب التي تقف مع المضطهدين والمتظاهرين والمحتجين المطالبين بحقوقهم المشروعة ، الواجب يحتم عليهم جميعا ، بأن يتخذوا موقفا صلبا تجاه النظام وأجهزته القمعية، بكل أشكالها ومسمياتها ، بإجراءات عقابية رادعة توقفه عند حده ، وإشعاره وبوضوح بأن التمادي وعدم الإصغاء لكل تلك المناشدات والتوسلات ، التي أضحت لا معنى لها ، في ظل إصراركم وتجبركم وإرهابكم ، وحان وقت الحساب والعقوبة ودفع ثمن ، نتيجة تهوركم وجرائمكم وعدم احترامكم للمواثيق والأعراف الدولية ولا للدستور والقانون العراقيين. 

إننا نرفع الأصوات عالية والمناشدة ، بالوقف الفوري عن نهج الاغتيالات والتصفيات الجسدية للناشطين والناشطات ، على أيدي القوات الأمنية والميليشيات الطائفية المجرمة ، والعمل الفوري على توفير الحماية لهذه النخبة المدافعة عن دولة العدل والقانون وعن الحقوق والحريات وعن دولة المواطنة ، والعمل فورا على الكشف عن الفاعلين ودوافعهم والمحرضين الحقيقيين والمنفذين وإحالتهم الى القضاء .

العمل فورا بإيقاف الاعتقالات التعسفية وانتزاع الاعترافات بالقوة وخارج القانون ، والحجز الكيفي وفي أماكن لا تخضع لإدارة الدولة ، والحجز الانفرادي والمنع القسري بالاتصال بالمحامي أو بالأهل ، وعدم توجيه التهم المحددة ونوع الجريمة أو الجنحة وفق القانون .

هذه وغيرها تتنافى مع لائحة حقوق الإنسان ، ومع المواثيق والأعراف الدولية ، ومع الدستور العراقي ومع ( الديمقراطية والحقوق والحريات ! ) المزعومة !..

ليتوقف الموت والخراب والدمار والعبث بأرواح الناس على الأرض العراقية ، وليتوقف التدخل الخارجي بالشأن العراقي فورا !..

الحرية للمعتقلين والمغيبين والمخطوفين وفي مقدمتهم المغيب المختطف من سنوات [ الناشط المدني جلال الشحماني ! ] وكل المختطفين والمختطفات .

المجد للشهداء الكرام الذين سقطوا على أيدي القوات الأمنية والميليشيات المجرمة والقناصين الإرهابيين .
ونطالب بالتحقيق الفوري ، المستقل والعادل ، مع كل من أصدر الأوامر بالقتل واطلاق الرصاص الحي ومن نفذ وتسبب بسقوط أكثر من 500 شهيد واكثر من 20000 ألف مصاب ومعوق ، وإحالتهم الى القضاء لينالوا جزائهم العادل .

المجد لكل الذين تم استهدافهم في عمليات جبانة وهم عزل ، الذين تم قتلهم بدم بارد من الناشطات والناشطين ، ولليوم لم يتم الكشف عن تلك الأيدي الأثمة التي ارتكبت تلك الجرائم ووضعت ملفاتها في الرفوف المهملة .

المجد والفخر والعرفان للثائرين والثائرات ، الذين يسطرون بثباتهم وشجاعتهم وصمودهم في سوح الاعتصام والتظاهر ، يسطرون أروع الملاحم البطولية التي لا نظير لها في تأريخ العراق الحديث ، هؤلاء اليوم يكتبون تأريخ العراق بأحرف من نور ، ويرسمون للعراق والعراقيين المستقبل الزاهر السعيد .

عاش العراق شامخا كريما موحدا ومستقلا ، يفخر بأبنائه وبناته ، مثلما يفخر بناته وبنيه بأنهم عراقيين نجباء ، محبين ومضحين لهذا البلد العظيم .