لم تحصر انتفاضة تشرين المجيدة شعاراتها ومطالبها بتبديل هذا الشخص او ذاك ، ولَم تقدم التضحيات الهائلة كي تبقى تُعتمد ذات الآليات النافذة منذ ٢٠٠٣، والتي ثبت فشلها المريع على كافة الصعد.
فقد افرزت الانتفاضة الوطنية الشعبية المتواصلة واقعا جديدا، ولم تعد موازين القوى تخضع فقط للمعطيات التي أفرزتها انتخابات ٢٠١٨ ، وتتجاهل ما فرضته الجماهير المنتفضة من حقائق كبرى جديدة.
ويقينا ان الناس لم تخرج من اجل حلول جزئية وإصلاحات ترقيعية، بل طرحت بانتفاضتها على نحو مباشر هدف الخلاص من منظومة الحكم القائمة ومنهج المحاصصة واخطبوط الفساد، ومن الطاقم الذي حكم منذ ٢٠٠٣ ، كما فرضت ضرورة الانتقال الى دولة المواطنة.
ان لسان حال المنتفضين السلميين، وبعد اهدار الكثير من دمائهم الزكية، يعلن قاطعا ان لا رجوع الى المربع الأول، وان من يصر على التمسك بذات المنهج الفاشل انما يعرقل عن عمد تحقيق التغيير المنشود في المنهج والأداء والشخوص.
لقد حانت لحظة التغيير الحقيقي للاوضاع القائمة، وهي تبدأ بتغيير الحكومة وآليات تشكيلها ومنهج الحكم، وتنتهي باقامة دولة المواطنة والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.
واننا إذ نشدد على ان أي تأخير في ذلك لن يكون في مصلحة بلدنا ، ولكي نجنبه الاحتمالات الأسوأ وحالة الفوضى، ونضمن ان يتم تداول دستوري سلمي وسلس للسلطة يضع في الاعتبار الحقائق الجديدة التي أفرزتها الانتفاضة، نؤكد وجوب:
1- استقالة او اقالة الحكومة القائمة وفقا للسياقات الدستورية.
2- تشكيل حكومة جديدة من عناصر وطنية كفؤة نزيهة وفعالة، حكومة ذات صلاحيات استثنائية، يتم تشكيلها بعيداً عن نظام المحاصصة المقيت ومنظومة الفساد، ووفقا للدستور، وان لا يتجاوز عمرها الفترة الضرورية لتهيئة مستلزمات الانتقال.
3- قيام رئيس الجمهورية ووفقا للدستور بالخطوات الواجبة لاختيار رئيس الوزراء وفقا لمعايير الوطنية والكفاءة والنزاهة والاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار، بعيدا عن المناطقية والطائفية السياسية والتحزب الضيق.
4- تكون مهام الحكومة الجديدة الاساسية كما يلي:
أ- انجاز الخطوات الآنية الملحة لتأمين القوت للشعب وتطمين حاجاته الملحة، وتنفيذ مطالب المنتفضين الاقتصادية والاجتماعية .
ب- انزال القصاص العادل بمن ارتكبوا جرائم قتل المتظاهرين ومن اصدروا لهم الاوامر، واطلاق سراح المعتقلين والمغيبين، ووقف حملات الملاحقة والمطاردة .
ج- تحريك ملفات الفساد بدءاً بالكبرى، وتقديم المفسدين الى العدالة واستعادة الاموال المنهوبة.
د- التحضير لانتخابات مبكرة على ان يسبقها:
1- وضع قانون انتخابات جديد ديمقراطي وعادل ، يكرس مبدأ المواطنة ويوسع من دائرة التمثيل ويوفر قناعات للمواطنين بأهمية الانتخابات والمشاركة فيها .
2- تعديل قانون الاحزاب السياسية بما يضمن قيام حياة سياسية ديمقراطية سليمة.
٣- انتخاب مفوضية عليا جديدة للانتخابات، مستقلة حقاً، وتضم كفاءات من خارج الاحزاب والكتل السياسية وبإشراف القضاء.
4-تأمين اشراف دولي فعال.
ه- حصر السلاح بيد الدولة وانهاء دور الميليشيات والعناصر المسلحة الخارجة عن القانون.
و - الحفاظ على سيادة الدولة العراقية وتأمين استقلالية القرار الوطني ومنع التدخلات الخارجية في شؤونها .
وأخيرا .. الى العمل على إدامة زخم الانتفاضة حتى تحقيق أهدافها كاملة.