ارقام وزارة التخطيط الصادمة تكشف عن الأبعاد الجسيمة التي اكتسبتها حالة الفقر في العراق؛ فحسب بيانات وزارة التخطيط ارتفعت نسبة الفقر في المدن التي احتلها تنظيم داعش لتصل إلى 41 في المائة، فيما بلغت في محافظات جنوبي العراق 31.5 في المائة. وفي بغداد ومحافظات الوسط وإقليم كردستان ارتفعت بنسب متفاوتة.
وليس خافيا ان احد اهم أسباب تفشي الفقر هو انتشار البطالة، وتوقف مشاريع ومصانع حكومية وأهلية عن العمل، وانحسار الزراعة، والسياسة التقشفية للحكومة في السنوات الاخيرة.
ويبدو ان ما تقوم به الدولة في مواجهة هذين التحديين الكبيرين، لا يتعدى المعالجات الجزئية محدودة الأثر. وان من بين الحلول المقترحة هنا تقديم القروض الميسرة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتأتي في هذا السياق المبادرة الاقراضية التي اعلنها البنك المركزي، والتي تبلغ قيمتها مليار ومائة مليون دولار، والتي ستكون الاولوية في الافادة منها لخريجي الجامعات العاطلين عن العمل، ثم لسكان المدن المدمرة شمالي وغربي العراق، ثم للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل والأيتام، وذوي ضحايا العمليات الإرهابية والأخطاء العسكرية. كذلك لأصحاب المشاريع الموجودة أصلا وتوقفت بسبب العمليات العسكرية أو لأسباب أخرى قاهرة.
ويتوجب على المستفيد الراغب تقديم دراسة كاملة لمشروعه، مرفقة بالجدوى الاقتصادية والعوائد المالية المتوقعة منه، وغير ذلك مما هو معتمد في كل مشروع جديد.
وقد تصل كلفة المشروع المتوسط إلى 80 مليون دينار، والصغير إلى 40 مليون دينار.
وحسب هذه المعطيات قد لا يزيد عدد المستفيدين المحتملين على ٢٥٠٠ مشروع، تقوم بتشغيل بضعة آلاف في حال ضمان عدم استحواذ شبكات الفساد عليها، وتمكن الخريجين الشباب من تقديم دراسات جدوى حقيقية.
ان مثل هذه المعالجات مفيدة دون ريب، الا ان حجم مشكلتي الفقر والبطالة وسعة آثارهما المجتمعية، تتطلبان اعتماد منظومة متكاملة من الخطوات والاجراءات التنفيذية والتشريعية، في إطار رؤية اقتصادية تنموية ذات أولويات واضحة، تهدف الى دعم القطاعات الإنتاجية وتشجيع النشاطات الاقتصادية الصناعية والزراعية والخدمية ذات العمالة الكثيفة. كما تتطلبان الإسراع في إصدار وتنفيذ تشريعات الضمان الاجتماعي الشامل، والضمان الصحي، وازالة معوقات جذب الاستثمار، والضرب بحزم على ايدي مافيات وشبكات الفساد السياسي والمالي والإداري.


* من الصفحة الرسمية في "فيسبوك" للرفيق رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، والنائب عن تحالف "سائرون".