نورس حسن
يرى برلمانيون أكاديميون في الشأن الاقتصادي، أن استراتيجية التخفيف من الفقر التي أطلقتها وزارة التخطيط قبل ايام، غير مجدية، ولا تنسجم مع واقع المواطن الفقير.
وفيما حملوا الحكومة أسباب ارتفاع الفقر في العراق، بسبب الاهمال المتعمد، وعدم الجدية في تشريع وتطبيق القوانين الداعمة للمواطن، طالبوا في الوقت نفسه بتفعيل قانون الرعاية الاجتماعية، ودعم الواقع الصناعي.
المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، اوضح لـ"طريق الشعب" ان "استراتيجية التخفيف من الفقر التي اطلقتها الوزارة، تعتمد في تمويلها على ثلاثة مصادر، أولها ما يتم تخصيصه ضمن الموازنات السنوية، والثاني دعم المجتمع الدولي، والمصدر الثالث يعتمد على تعهدات البعض من منظمات الامم المتحدة لدعم وتنفيذ المشاريع الخاصة التي تحددها الإستراتيجية".
وذكر الهنداوي ان "نسبة الفقر في العراق ارتفعت الى 23 في المائة بعد ان كانت 15 في المائة، وهذا قبل احتلال داعش لعدد من المحافظات العراقية، وموجة النزوح التي تعرض لها عدد ليس بالقليل من المواطنين، اضافة الى قلة فرص العمل وتدهور الواقع التعليمي والصحي في العراق"، مضيفا انه "بناء على ذلك أطلقت وزارة التخطيط الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر والتي ستستمر على مدى خمس سنوات، وتهدف إلى خفض النسبة الى الربع".
وعن الاليات التي وضعتها الوزارة للتخفيف من نسبة الفقر، قال الهنداوي ان "الاستراتيجية تتضمن محاور عدة تستهدف تحسين واقع الفقراء من ناحية السكن، ورفع المستوى التعليمي والصحي، ومستوى الدخل"، موضحا ان "ذلك يتم عن طريق سياقات عدة تضمنها الاستراتيجية، منها بناء مجمعات سكنية للحد من العشوائيات، وتطوير المجال الصحي عن طريق بناء المراكز الصحية والمستشفيات ونشر الوعي، اضافة الى بناء المدارس ومراكز للتعليم وتوفير الظروف المناسبة للالتحاق بالمدارس، خاصة في المناطق الريفية، للحد من نسب الأمية، ولتحسين مستوى الدخل للفقراء".
وأكمل، ان "الاستراتيجية تضمن كذلك، إطلاق السلف والقروض بهدف اقامة المشاريع المدرة للأموال"، لافتا الى ان "توفير جميع ذلك يتوقف على مقدار الدعم الذي من المؤمل ان تحظى به الاستراتيجية".

استراتيجيات ولاتنفيذ

من جانب اخر يرى استاذ الصناعة والتنمية البشرية في الجامعة المستنصرية، فلاح خلف علي، خلال حديث له لـ"طريق الشعب"، ان "الاستراتيجيات والخطط التي تعمل وزارة التخطيط على وضعها للتخفيف من الفقر، تفتقر الى قوة التنفيذ، وبالتالي هي مجرد قرارات تصدر من دون تجهيز الاليات الكفيلة بنجاحها".
ووصف الآليات التي تحتويها الاستراتيجية بـ"انها طموحة ولكن غير واقعية، فاطلاق السلف والقروض للفقراء لا يحل من المشكلة شيئاً، فهي تستغل في العادة من قبل ضعاف النفوس، اضافة الى الشروط التعجيزية التي تحتويها".
مبينا ان "استراتيجية التخفيف من الفقر لم تكن الاولى، فقد سبقتها استراتيجية، ايضا كان هدفها التقليل من الفقر، اضافة الى وثائق وقرارات تطمح الى نفس الهدف، ولكنها استغلت وهمشت وبالتالي اصبحت حبر على ورق ولا تنفيذ لها على ارض الواقع"، مضيفا ان "النسب التي اعلنتها وزارة التخطيط حول الفقر في العراق، هي نسب تقديرية غير مستندة على بيانات واحصائيات دقيقة".

اهمال متعمد للصناعة والزراعة

من جانبه قال عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية، عبد السلام المالكي، لـ"طريق الشعب"، ان "اسباب ارتفاع نسب الفقر في العراق، تعود الى الاهمال المتعمد للصناعة والزراعة، وتوقف التعيينات خلال السنوات الماضية واستمراره الى الوقت الحالي، اضافة الى الهجرة والنزوح من الريف الى المدينة، وعدم تفعيل قانوني الرعاية الاجتماعية وضمان حقوق العاملين في القطاع الخاص".
وذكر المالكي ان "احصائيات وزارة التخطيط اوضحت ان اكثر المحافظات فقرا هي السماوة والديوانية وصلاح الدين، بسبب افتقارها الى الموارد الطبيعية، واهمال السياحة وتوقف المعامل الانتاجية"، وفيما كشف عن "وجود ما يقارب 15 الف معمل معطل عن العمل في عموم العراق، جميعها تضم موظفين يتقاضون رواتب من دون انتاج"، بين ان "الموازنة التشغيلية خصصت 40 مليار دولار فقط كرواتب لموظفين، اغلبهم يقتصر تواجدهم على تسجيل الحضور، وبالتالي اصبح البلد المنتج للنفط يعمل على استيراد ابسط الامور، من بينها استيراد ايس كريم بمبلغ 2 مليار دولار سنويا، حسب اعلان البنك المركزي".
وبخصوص إحصائيات الفقر التي اعلنت عنها وزارة التخطيط، قال المالكي انها "احصائيات غير دقيقة، لافتقارها للإحصائيات والاستبيانات الدقيقة"، متسائلا ان "وزارة التخطيط لم تتمكن من اعطاء ارقام دقيقة حول نسب سكان العراق، فكيف بها تحديد نسب الفقر في العراق؟".
ويرى المالكي ان "التقليل من نسب الفقر في العراق لا يحتاج الى استراتيجيات بقدر حاجته الى دراسة دقيقة تنسجم مع واقع المواطن الفقير"، محملا "الحكومة ارتفاع نسب الفقر، لتهميشها قوانين مهمة وعدم حرصها على معالجتها، سواء من ناحية توفير فرص العمل والسكن، او توفير رواتب كافية للعاطلين عن العمل".