في مثل هذه الايام من شهر آذار سنة 2013، اطلقنا من على هذه الخشبة في هذا الفضاء النواسي الاخضر البهيج، اول مهرجان من نوعه للصحافة في العراق وفي المنطقة، مهرجان جريدتنا "طريق الشعب".
ومنذ الساعة الاولى تلك عبّرنا عن العزم على جعله مهرجانا حيا، يتجدد سنة بعد سنة، وليس حدثا عابرا يلتمعُ خاطفاً الابصار للحظةٍ، ثم يخبو وينطفئ. لذلك قلنا ونحن ندشن دورته الاولى تلك، اننا نبتغي من خلاله اقامة علاقة راسخة مع قرائنا واصدقائنا، علاقة تداول وحوار دائمين، تتيح لنا النهوض على افضل وجه بمهماتنا كوسيلة اعلام وطنية حرة وموضوعية. ولم نكن لنفلح في تحقيق ذلك من دون تأمين انعقاد دوري منتظم للمهرجان.
كذلك اعربنا منذ بداية البداية عن الرغبة في جعله حدثا يخص العائلة الصحفية العراقية الواسعة، ولا يقتصر علينا في "طريق الشعب". فتأثيراته الايجابية لم تكن لتفعل فعلها عراقيا، من دون مشاركة منابرنا الصحفية جميعا. لهذا اردناه مهرجانا للصحف العراقية كلها، للصحافة ووسائل الاعلام كافة.
وطبيعي ان نشعراليوم بالرضا، ونحن نتأمل المسيرة التي قطعناها مثابرين خلال السنوات الماضية، وصولا الى مهرجاننا السادس هذا. وان يغمرنا السرور والامتنان ونحن نرى صحفنا تحرص، سنة بعد سنة، على المشاركة في المهرجان، وتأمين حضور لها على ارضه. وإن كنا وما زلنا - ونقولها صريحة - نتطلع الى ان يكون هذا الحضور مؤثرا، وان يسهم بفاعلية في احداث المهرجان ووقائعه.
نحتشد اليوم هنا، في الفضاء الرحب للمهرجان السادس، متمتعين باجوائه البهيجة، فيما افكارنا كصحفيين تتجه نحو القضايا الكبيرة، وثيقة الصلة بمهنتنا ورسالتنا الاعلامية، والتي يشغلنا حالها، ويقلقنا ويثير سخطنا بقاؤها معلقة.
ولعل اول ما نعنيه في هذا الخصوص، قضية حرية التعبير وضمانها واحترامها، باعتبارها حقا اساسيا ينص عليه الدستور. كذلك قضية المعلومة وحق المواطن في الوصول اليها والحصول عليها. فالاعوام تمر وهذه وتلك وغيرُهما من القضايا الكبيرة، لا تزال تفتقد التشريعات التي يفترض ان تصدر، لتنظم امورها واوجه التعامل السليم معها على وفق ما ينص عليه الدستور.
والحال انه مع استمرار غياب هذه التشريعات، يتواصل غياب الاحترام للحقوق الاساسية المذكورة، بل وانتهاكُها في احيان كثيرة. والمتضرر الاول هنا هو بالطبع الاعلامي ووسائل الاعلام، الذين يُعطل اداؤهم الرسالة التي وجدوا من اجلها. وهو في النهاية المواطن العادي، الذي يحرم دون مسوغ قانوني من حقوق اساسية له.
لذا نتوجه من هنا، ونكرر ما فعلناه في مهرجاناتنا السابقة، مطالبين وملحين في الطلب، ان يتم اخيرا انجاز التشريعات المتعلقة بضمان حرية التعبير والتظاهر والحق في الاحتجاج، وتأمين الحق في الحصول على المعلومات ونشرها، وسائر الحقوق الاساسية الاخرى.
حين اقمنا مهرجاننا الخامس قبل سنة، في خضم الحرب المظفرة لقواتنا المسلحة الباسلة وجماهير شعبنا، ضد داعش وقوى الارهاب، اطلقنا عليه تسمية "مهرجان الانتصار على داعش" احتفالا بذلك الانجاز البطولي.
واليوم وشعبنا في طول العراق وعرضه، يخوض المعركة التي لا تقل اهمية وخطورة، ضد الطائفية السياسية والمحاصصة والفساد، ومن اجل الاصلاح والتغيير، والخروج بالبلاد الى بر الامان والعيش الكريم والتنمية والتقدم .. اليوم، تيمنا بهذه الوقفة المشرفة لشعبنا وقواه السياسية الحية المخلصة، سمينا مهرجاننا في دورته السادسة "مهرجان الاصلاح والتغيير".
لكننا لم نكتف بالتسمية. فالعديد من ندوات المهرجان مكرسة لموضوعة الاصلاح والتغيير، اليوم الخميس وغدا الجمعة. وليس من دون دلالة ان هذه الفعاليات بدأت ظهر اليوم بالجلسة الحوارية للاستاذ رافع عبد الجبار، عضو الهيأة السياسية للتيار الصدري، والتي كان عنوانها " الحكومة الجديدة ومشروع الاصلاح والتغيير". وقد قدمها زميلنا في "طريق الشعب" ياسر السالم.
وستجد هذا الندوة ما يواصلها ويكملها غدا الجمعة بعد الظهر، بالندوة الحوارية للاستاذ رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، التي سيجيب فيها على السؤال " اي اصلاح؟ اي تغيير؟"
على اننا استبقنا ذلك بعد ظهر اليوم، غداة جلسة الاستاذ رافع عبد الجبار، بندوة اخرى مكرسة للموضوع ، وكانت بعنوان " الاعلام العراقي ومشروع الاصلاح والتغيير" . وقد شارك فيها القاضي الاستاذ هادي عزيز، والاكاديمي د. اثير الجاسور، والصحفي قيس العجرش، وقدمها الصحفي توفيق التميمي.
وفي سياق هذه الاشارات، اود ان اذكّر ان شخصية المهرجان هذه السنة هو الشهيد كامل شياع، الذي مرت شهر آب الماضي الذكرى العاشرة لجريمة اغتياله. الجريمة الغادرة التي ما زال مقترفوها القتلة طلقاء، ينعمون بحياة آمنة، دون حساب وعقاب.
وسيتضمن برنامج المهرجان ليوم غد الجمعة ندوة حول الشهيد كامل شياع، يشارك فيها الكاتب د. كريم شغيدل والمحامي زهير ضياء الدين والسيد طعمه العكيلي، ويديرها الاعلامي عماد جاسم.
ستبدأ الندوة بعد الظهر بنصف ساعة، وستسبقها بدءاً بالساعة الحادية عشرة، ندوة لعدد من الاعلاميات الشابات، يقدمن فيها شهادات عن تجاربهن في العمل الاعلامي.
اخيرا، اسمحوا لي بالاشارة الى ان حفل اختتام المهرجان، في مثل هذا الوقت من يوم غد الجمعة، سيتضمن الاعلان عن الفائزين بجوائز المهرجان الثلاث: جائزة شمران الياسري للعمود الصحفي، وجائزة الشهيد كامل شياع لثقافة التنوير، وجائزة الشهيد هادي المهدي لحرية التعبير، الى جانب استقبالهم والاحتفال بتسليمهم الجوائز.
اكرر في الختام الشكر لكم على مشاركتكم ايانا احياء هذا الحدث الكبير لجريدتنا ولصحافتنا العراقية،
وكل عام ونحن واياكم على موعد مع مهرجان "طريق الشعب".

 * كلمة الحفل الختامي القاها الرفيق مفيد الجزائري