رشيد غويلب
يمتاز الاسبوع الأخير قبل جولة الانتخابات الرئاسية في 28 تشرين الأول الحالي باستقطاب سياسي واجتماعي حاد ، بين معسكر اليمين ومرشحه الفاشي يائير بولسونارو الذي يتقدم في استطلاعات الرأي، ومرشح معسكر اليسار فرناندو حداد من حزب العمل البرازيلي.
ويشير متابعون الى ان قوى اليسار البرازيلي تعمل الآن بتنسيق غير مسبوق. وفي سياق هذا النشاط المشترك تجاوزت ضعف التعاون السابق، وهي تشكل الآن لجنة مشتركة لمناهضة الفاشية.
وكمهمة آنية تركز قوى اليسارعلى الحملة الانتخابية حتى يوم الاقتراع الحاسم، لدعم مرشح اليسار فرناندو حداد، ونائبته مرشحة الحزب الشيوعي في البرازيل مانويلا دافيلا. وفي هذا السياق نظمت فعاليتان مركزيتان، كانت الأولى مسيرة نسوية حاشدة ضد بولسونارو، المرشح اليميني جاءت امتدادا لنجاح المسيرة النسوية الهائل في 24 أيلول الماضي. وسيشهد يوم غد الأربعاء مسيرة النقابات والحركات الاجتماعية. ويرى محللون ان نجاح هاتين الفعالينين يمكن ان يكون مدخلا لهزيمة اليمين المتطرف.

سر صعود مرشح اليمين المتطرف

ومن المعروف ان اليميني المتطرف يائير بولسونارو، كان ينظر اليه حتى وقت قصير قبل الانتخابات ، على انه طارئ على الحياة السياسية ومهرج. ولم يكن خلال خدمته العسكرية يتمتع بسمعة حسنة ، وقد تم طرده لتمرده على اوامر عسكرية. ويقول متابعون يساريون ان اليمين المتطرف في البرازيل، وبدعم اصدقائه في الولايات المتحدة، وجدوا فيه الأداة لتدمير ما تبقى من مكتسبات اجتماعية هي حصيلة سنوات حكم اليسار. وجرى دعم حملته باموال هائلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه حقق الاختراق المهم قبل الانتخابات بوقت قصير، بعد حصوله على مباركة الكنيسة الإنجيلية الحرة.
ويعود موقف الكنيسة هذا الى انقسام سابق بين الكنيستين الرئيستين . ففي حين تحالفت حركة لاهوت التحرير، التي انحدرت من الكنيسة الكاثوليكية، في سنوات الدكتاتورية العسكرية مع قوى اليسار، وخلال تلك السنوات بدأ حزب العمل بناء قاعدته مستندا الى هذا التحالف، فإن هذه القاعدة تراجعت في السنوات الاخيرة، واحتلت الكنيسة الحرة الآن الفراغ الناتج عن ذلك.
والآن يجب أن يتحول هذا التطور الى عكسه ، وإن فرصة اليسار الوحيدة تكمن في أن يكون حاضرا ومرئيا ونشطا في جميع المواقع، وأن يكشف حقيقة طابع مرشح اليمين المتطرف ، الذي يعمل انطلاقا من مواقفه الليبرالية الجديدة، ضد مصالح العاملين .
وبغض النظر عمن سيفوز في جولة الانتخابات البرازيلية الثانية، فان اليسار بحاجة إلى تطوير استراتيجية مستقبليةجديدة. لهذا بدأ العمل على مبادرة أخرى لفترة ما بعد الانتخابات ، تقوم على توظيف ما تمخض عن حملة لجنة النضال الانتخابي، وتحويله الى"كتائب من أجل الديمقراطية" تكون مهمتها العمل في الأوساط الشعبية الواسعة، لاعادة بناء قواعد يسارية فاعلة.
ومن المخطط له ان يشمل هذا التوجه مراكز المدن الكبيرة، حيث فقد اليسار جزءا من تأثيره. وسيكون هناك دور لحركة المشردين، التي تملك معاقلها في اطراف المدن، وحركة المُعدمين في المناطق الريفية. ومن الضروري ان يمتد تأثير اليسار الى مناطق جديدة. من المهم ان تصبح "الكتائب من أجل الديمقراطية" جاذبا لأوساط جديدة من الناس غير المنظمين.
وفي هذه الاثناء يسعى بولسونارو علناً إلى التضامن مع قوى اليمين الحاكمة الأخرى في أمريكا اللاتينية. وعلى سبيل المثال جرى تداول مكالمة هاتفية له مع العسكري السابق رئيس حكومة اليمين في الارجنتين، تناولت مسيرة الحملة الانتخابية،والتعاون بين الطرفين ، بعد حسم الانتخابات لصالح اليمين في البرازيل.
من جانبه اقام مرشح اليسار فرناندو حداد دعوى قضائية ضد منافسه اليميني المتطرف، متهما اياه بتنظيم حملة اخبار كاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبمساعدة شركات متخصصة. وستحقق الشرطة الاتحادية البرازيلية مع الاخير، وبموجب القانون الانتخابات الجديد في البرازيل، تعتبر هذه الممارسات من جرائم الاحتيال الانتخابي.
وقررت محكمة الانتخابات العليا رفع 146 الف تغريدة ومنشور حافلة بالأكاذيب، اطلع عليها قرابة 20 مليون مشارك، ووفق محطة تلفزيون "تلزور" الامريكي اللاتيني، فان حزب العمل طالب الجهات المختصة بالتحقيق في هذه الحالة، وأكد أن حملة الاخبار الكاذبة لا تزال مستمرة.