رشيد غويلب
أظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت امس الاول الاحد في البرازيل، فوز الضابط السابق واليميني المتطرف جايير بوسونارو، بعد حصوله على نسبة 46 بالمائة من الاصوات، مقابل 29 في المائة لصالح مرشح حزب العمل اليساري فرناندو حداد. وستجري جولة الانتخابات الثانية والتي ستحسم السباق الانتخابي، في 28 تشرين الأول الحالي. ولا يستبعد فوز مرشح اليسار في الجولة الجديدة. والى جانب جولة انتخابات الرئاسة الأولى هذه، جرت انتخابات جزئية لاعضاء الكونغرس ومحافظي بعض مدن البلاد.
ويرى المحلل المختص بملف الانتخابات أنطونيو لافاريدا في تعليق له في محطة تلفزيون "باند" ، إن مرشح اليمين المتطرف قد استنفد أقصى إمكانات التصويت المتاحة له. حيث استجاب انصار المرشحين الآخرين القريبين اليه لندائه بالتصويت لصالحه، وحسم الصراع في الجولة الأولى، من دون انتظار خوض جولة ثانية، لقطع الطريق على عودة مرشح حزب العمال الى القصر الرئاسي.
وفي ظل الاستقطاب السياسي الحاد بين المرشحين الأساسيين، عانى المرشحون الآخرون من خسائر كبيرة، فلم يحصل المرشح الديمقراطي الاجتماعي سيرو غوميز سوى على 13 بالمائة ، و حصل الليبرالي الجديد ومرشح رئيس حكومة الانقلاب المنتهية ولايته "جيرالدو ألكمين" على أقل من 5 في المائة ، واليميني التقليدي جواو أمودو (نوفو) على 2.5 في المائة . ولم يحقق 6 مرشحين آخرين أكثر من 1 في المائة، بينهم مرشحة حزب الخضر ومرشح التيار التروتسكي.
ويتوقع الباحث في شؤون الاحزاب فرناندو شولر أن الغالبية العظمى من الأصوات المتبقية من النيوليبراليين واليمينيين التقليديين، والخضر والمجموعات اليسارية الصغيرة الأخرى سوف تذهب في الجولة الثانية إلى صالح مرشح اليسار، لقطع الطريق امام وصول اليميني المتطرف الذي لوّح قبيل وخلال الحملة الانتخابية بامكانية التعويل على انقلاب عسكري لحسم الصراع. . ومع ذلك فان التنافس سيكون شديداً للغاية، والفوارق بين المتنافسين ضيئلة جدا. وستشهد الاسابيع الثلاثة المقبلة حدة اكثر في الاستقطاب بين المعسكرين. وسيركز حداد على قضايا الديمقراطية وحقوق الأقليات وخطر الاستبداد الذي ستمارسه حكومة منافسه، فيما سيلعب بوسونارو بطاقة العداء لحزب العمل ، وسوف يصور حداد بانه دمية للرئيس الأسبق "لولا"، ويذكّر باخطاء حزب العمل خلال الدورات الرئاسية السابقة.
وسيكون حاسما موقف الـ20 بالمائة الذين امتنعوا عن التصويت في الجولة الاولى، كذلك اصحاب بطاقات التصويت البيضاء، الذين يشكلون بمجموعهم ثلث القوة التصويتية، علما ان المشاركة في التصويت الزامية في البرازيل. و كما يرى بعض المحللين سيلعب الاعلام دورا حاسما ايضا، ، من خلال ادارة الحوارات وطبيعة الاسئلة التي سيطرحها. وهنا يملك مرشح اليسار فرص اكبر في طرح بدائل مقنعه، فضلا عن توجه الاعلام التقليدي لدعمه هذه المرة في مواجهة اليمين المتطرف. وهو مادفع انصار الأخير الى التركيز على وسائل التواصل الاجتماعي. وكان يوم الجولة الانتخابية الاولى قد شهد عدداً من الهجمات على الصحفيين من قبل مؤيدي اليمين المتطرف.
واظهر السلوك الانتخابي انقساماً اجتماعياً واضحاً، ففي جنوب شرق البلاد الغني، حقق مرشح اليمين المتطرف تقدما كبيرا، فيما صوت اغلب سكان مناطق الشمال الشرقي المعروفة بطابعها الريفي لصالح مرشح اليسار.
واظهرت نتائج الانتخابات الجزئية للكونغرس ولمحافظي المدن، التي ستشهد هي الأخرى جولة انتخابات ثانية على العموم، تراجعا نسبي لليسار، وتقدماً لمرشحي اليمين. وكان بين المرشحين الذين حققوا نتائج سلبية غير متوقعة عدد من رموز حزب العمل، بينهم رئيسة الجمهورية التي اطاح بها الانقلاب البرلماني ديليما روسيف.
وفي وقت سابق ، أصبح معروفا أستبعاد 5.6 مليون برازيلي من الانتخابات ، أي حوالي 4 بالمائة من مجموع الناخبين. والسبب في ذلك هو عدم تسجيل بصماتهم للتصويت وفق النظام الرقمي الجديد . ومعروف ان معظم المشمولين بهذه الحالة يسكنون المناطق الشمالية الشرقية من البرازيل، التي تعد معقلا لحزب العمل البرازيلي. ولم يمنح الناخبون فرص كافية للتسجيل بشكل صحيح.
يذكر ان المرشح الاول لحزب العمل، والسياسي الأكثر شعبية في البرازيل، رئيس الجمهورية الاسبق سيلفا دي لولا، قد حرم من دخول السباق الانتخابي بعد اصدار قرار بالسجن ضده، لا يستند الى دليل مادي. وذلك لحرمانه من الفوز ثانية، بعد ان اظهرت جميع استطلاعات الرأي تقدمه بفارق كبير جدا على منافسيه.