طريق الشعب
دخلت الحرب التجارية بين أمريكا والصين أخطر منعطف لها منذ بداية التصعيد الامريكي، فقد بدأ امس الاول الاثنين سريان أكبر حملة للرسوم الكمركية الامريكية، والرد الصيني عليها. وتعد هذه العقوبات المتبادلة الأكبر بين أي بلدين في العالم، حيث يخضع الآن أكثر من 300 مليار دولار من حجم التبادل التجاري بينهما الى رسوم كمركية كبيرة تزيد الضغوط عليهما وتضع العالم على شفا موجة من الركود التضخمي.
وخلافا لتحذيرات العديد من الخبراء الاقتصاديين والشركات، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبارا من صباح الاثنين رسوما كمركية مشددة بنسبة 10 في المائة على ما قيمته مائتي مليار دولار من المنتجات الصينية.
ومن المنتظر أن ترد بكين على الفور بفرض رسوم كمركية بنسبة 5 أو 10 في المائة على واردات سنوية من المنتجات الأمريكية بقيمة ستين مليار دولار.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أمس الأحد في تصريحات إعلامية إن "الحرب التجارية التي تخوضها الصين ضد الولايات المتحدة مستمرة منذ سنوات". وأضاف "سنحقق نتيجة ترغم الصين على التصرف بالشكل الذي نتوقعه من قوة عالمية.. وليس ممكناً سرقة الملكية الفكرية".
وقالت الحكومة الصينية في وثيقة تتناول التوتر الاقتصادي والتجاري الحالي مع واشنطن إن الولايات المتحدة "وجهت سلسلة من الاتهامات الكاذبة واستخدمت زيادة الرسوم الكمركية وغيرها من تدابير الترهيب الاقتصادي لفرض مصالحها الخاصة على الصين، من خلال ممارسة ضغوط قصوى".
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر أن الصين ألغت المحادثات التجارية المقبلة مع الولايات المتحدة، وأنها لن ترسل نائب رئيس الوزراء ليوخه إلى واشنطن هذا الأسبوع.

مخاوف

وتتزايد مخاوف أوساط الأعمال مع تهديد ترامب باستهداف منتجات صينية إضافية بقيمة 267 مليار دولار اذا ردت بكين على الرسوم المفروضة على مائتي مليار دولار من بضائعها.
وتحذر أوساط اقتصادية من أن أي نزاع مطول سيعطل في نهاية الأمر النمو ليس فقط في الولايات المتحدة والصين، بل عبر عموم الاقتصاد العالمي .
ورأت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن سياسات الولايات المتحدة التجارية الحمائية بلغت نقطة باتت فيها تؤثر فعليا على آفاق نمو عالمي لا تزال قوية".
وخفضت الوكالة توقعاتها للنمو في الصين إلى 6,1 في المائة هذه السنة، بتراجع 0,2 في المائة عن توقعات حزيران الفائت، كما توقعت تراجع النمو العالمي إلى 3,1 في المائة عام 2019 .
ويطالب ترامب منذ أشهر الصين بوضع حد لممارسات تجارية يصفها بأنها غير نزيهة، وينتقد بصورة خاصة إرغام الشركات الأمريكية الراغبة في الدخول إلى السوق الصينية على تقاسم مهاراتها التقنية مع شركاء محليين، متهما الصين "بسرقة" الملكية الفكرية.
وكشفت بوابة "أكسيوس" الأمريكية أن الولايات المتحدة تعتزم شن هجوم واسع على الصين على مستوى القيادة، متهمة إياها بنشاط معاد للشركات الأمريكية، إضافة الى تنفيذ هجمات الإلكترونية والتدخل في الانتخابات الأمريكية.

سلاح السندات

ووفق وزارة الخزانة الأمريكية، فان استثمارات الصين في السندات الأمريكية بلغت في تموز الفائت 1171 مليار دولار، وهو أدنى مستوى خلال الأشهر الستة الماضية، مقابل 1178,7 مليار دولار في الشهر الذي سبقه، أي أن بكين خفضت استثماراتها بنحو 7,7 مليار دولار.
ورغم توتر العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، تبقى بكين أكبر مستثمر أجنبي في سندات الخزانة الأمريكية، وتمثل حصة الصين منها 19 في المائة.
فيما جاءت اليابان في المرتبة الثانية باستثمارات بلغت في تموز 1035 مليار دولار، تليها في المرتبة الثالثة إيرلندا باستثمارات وصلت في نهاية الشهر نفسه إلى 300 مليار دولار.
وقبل الصين، اتجهت روسيا وتركيا إلى خفض استثماراتها في السندات الأمريكية، حيث قامت موسكو في فترة سابقة من هذا العام بالتخلص من تلك السندات، إذ قلصتها إلى مستوى متواضع عند 15 مليار دولار، بعد أن لامست مستوى الـ100 مليار دولار في مطلع العام الجاري.