(سلاما على صامدٍ لا يُطالُ....تعلَمً كيف تموتُ الرجالُ) الجواهري
مسيرة سفر ونضال شهداء الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه والى الان هي قصص وحكايات معطرة بعطر الشهادة والنضال الشاق الطويل(واليمشي بدربنا شيشوف يا بوعلي ..واحنا دربنا معروف يابو علي ) يتداولها ابناء الشيوعيين والوطنيين واحفادهم المناضلون، شجعان وهبوا حياتهم قربانا الى الشعب والوطن، آثروا الآخرين على انفسهم، نتذكرهم باستمرار في كل مجلس ومع كل مناسبة.. نتذكرهم في جلسات الليالي المظلمة والصباحات المشمسة في رياض الاطفال والمدارس وفي الارياف و الحقول والمعامل والمصانع والساحات والمقاهي، وفي كل مكان يذكرنا باستشهادهم بلا انقطاع. شهداء الحزب قدموا ثمن حريتهم و ارواحهم للقضية التي آمنو بها واخلصوا لها، قربانا للفقراء والمعوزين والمساكين والمظلومين والمعدمين لينعموا بحياة حرة كريمة في وطن تسوده المحبة والتآخي والتسامح والعيش الرغيد.
والشهيد(سلام عادل) نموذج فذ للتضحية والآثار وصيانة المبادئ والصمود البطولي اللامحدود. كان صنديدا يتصف بالشجاعة والجرأة والصلابة والصمود، فيما كان شديد الهدوء والدماثة، انيسا مقنعا بشكل غير عادي .. عالي المعرفة بشؤون حزبه ومنظماته، طموحا متعدد المواهب يمتلك طاقات هائلة سياسية وتربوية وادبية وفنية ميالا نحو المغامرة لا يثنيه حاجز عن ذلك .. هو مناضل من الطراز الاول، رجل ليس ككل الرجال. يبقى في الخلف لا يحب الظهور الا حين تكون الضرورة وما يقتضيه العمل ..بزغ نجمه بعد تسنمه منظمة الحزب في المنطقة الجنوبية وكشفت قدراته القيادية سنوات العمل. توج شهيدا بانتصاره البطولي الفذ على جلاديه، شهيدا اسطوريا في موقفه الصلب العنيد ضد مجرمي شباط الاسود والحرس القومي سيء الصيت في (1963)..حيث اعتقل في العشرين من شباط المشؤوم واودع في قصر النهاية مع كثير من المناضلين الشيوعيين بلا رحمة من قبل الاوباش الذين لا يملكون ذرة من الرحمة والشفقة الانسانية ..مارسوا معه اساليب همجية لا تمت للبشرية بأية صلة، ولكنه لم يهادن او يعط فرصة لجلاديه بان ينهار امام حيوانيتهم بانتزاع ما يريدون منه ومن رفاقه المعتقلين عن تنظيمات الحزب ورفاقه ومنظماته، برغم انهم استخدموا معه اساليب جهنمية للتعذيب الجسدي في مسلخ قصر النهاية ولم يخضع لجلاديه .رغم ما أثخن به من جراح..
(كثرن سجاجين الذبح
نوبه أشبن واني واكف
ونوبه أشبن واني واكع)
حافظ الشهيد على سلامة واسرار الحزب بعد اعتقاله ورفاقه وصان بكل امانة واخلاص تنظيم الحزب امام الطغاة الاوباش حتى وفاته تحت التعذيب بعد ان قطعت اوصاله واطرافه وفقئت عيناه وحدل بالحادلة الى جهة الجدار.. حسب اعتراف احد المجرمين من( ........) الذي كان يشغل وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية في عهد الانقلاب ومن المشرفين على التعذيب .يقول هذا المجرم : حتى اني وقفت مذهولا لإصراره وصموده اللامتناهي مع هذا التعذيب الوحشي ولم أطق رؤيته.. عندما لم ينالوا منه شيئا فقأوا احدى عينيه لإنتزاع الاعتراف منه لم يتأثر و لم يتململ وثارت ثائرتهم وجن جنونهم واستشاطوا بشكل هستيري ..واخذوا يتحدثون مع بعضهم البعض ماذا يفعلون به ..فقال لهم بعد سماع لغطهم المحموم ..(افقؤا عيني الثانية حتى لا ارى وجوهكم القذرة يا مجرمون يا طغاة ) .مورس معه ابشع انواع التعذيب، ومن قساوتهم عليه لم يحس بأي الم حينما تنهال على جسده الطاهر ضرباتهم السادية الموجعة، ولا يشعر بقسوة التعذيب مهما كان نوعه، يقابلها بابتسامة هازئة ساخرة تثير هوسهم وكانه يقول لهم(لن تنالوا مني مهما فعلتم.. انني اشرف منكم ومن اشباهكم) . ان التعذيب الجسدي والقتل والاغتصاب لهؤلاء القتلة ظل شاهدا على دموية الحرس القومي والعفالقة ...والصمود البطولي لرجل وهب حياته بالكامل لوطنه وشعبه وواجه ذلك الهجوم والتعذيب الوحشي والحقد الاسود بقلب آمن بمساره الصحيح وتاريخ حزبه الناصع مجدا وسلاما للواهبين حياتهم.
انك حي ايها المناضل الجسور في ضمير كل شيوعي ووطني غيور من العراقيين آمن بالمبادئ الانسانية.. وتربعت في قلوب رفاقك بلا استئذان لآنك والحزب الشيوعي ملح ارض الحضارات ونخيلها الشامخ بلا منازع، ويظل شهداء الحزب الشيوعي مصابيح تنير دروب السائرين نحو الحرية والغد المشرق في دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية.
ف(سلام على جاعلين الحتوف .....جسرا الى الموكب العابر)