لم تفارقنا صورتها ابدا وهي ترتدي البدلة الزرقاء لتمارس عملها في زاوية صغيرة من البيت، متخذة لها ورشة لصيانة وتصليح الماطورات الكهربائية مجانا للاصدقاء والجيران، انها المغيبة سناء عبد المحسن السوداني من مواليد 1955 وخريجة اعدادية الصناعة- قسم الكهرباء. اعتقلت من قبل النظام القمعي في ليلة 31/12/1979 في عشية الاحتفالات بحلول العام الجديد، لم يمنحها الجلادون دقائق لتطفئ الشموع ولتكمل احتفاليتها مع اهلها ومحبيها.
المغيبة المناضلة النقابية سناء عبد المحسن الفراشة الجميلة بوجهها الابيض النقي وصفاء عينها وشعرها الاشقر كانت تحلق وتنتقل من معمل الى اخر، لتتحدث مع العمال وتحرضهم على المطالبة بحقوقهم، وان لا يسكتوا عن سلب ارادتهم من قبل النظام الدكتاتوري البعثي، ولتحثهم على الانتماء للجان النقابية ممثلهم الشرعي، وهي كانت عضوة في نقابة الكهرباء، وبسبب نشاطها النقابي تعرضت الى الكثير من المضايقات والمراقبة من قبل الجلادين، والاستدعاءات الى امن المنطقة في حي الخضراء ببغداد.
البطلة سناء السوداني آثرت البقاء داخل الوطن، وارادت ان تكمل مسيرتها النضالية ونشاطها الحزبي في بغداد رغم ما تعرضت له من اعتقالات وتعذيب وضغوطات الاهل بالطلب منها الهجرة وترك العراق.
سناء هي حفيدة (الشيخ حسين مهدي الساعدي) الشيوعي المناضل من مدينة العمارة، والذي مات بسبب دخوله المتكرر الى سجون الانظمة الفاشستية، فقد تربت في عائلة شيوعية. اول انتماءاتها كان الى اتحاد الطلبة العام، وبعد ذلك في لجان اتحاد نقابات العمال، ولم تكن تتأخر عن تأدية مهامها الحزبية وتوزيع الصحيفة في ايام العمل السري. وفي مجال عملها حينما تم تعيينها في وزارة الزراعة كانت ترتدي بدلتها الزرقاء، لتبين ان للقوى العاملة دول كبير في الانتاج وان العمال هم في طليعة القوى المؤثرة في بناء البلد، كانت تقول ان لبدلة العمل الزرقاء وقعا كبيرا ومؤثرا يحرض العمال على حب العمل والانتاج.
سناء الفراشة الجميلة غيبت وهي في ربيع شبابها، لم تكمل الخامسة والعشرين من عمرها، رحلت عنا جسدا، وظلت روحها وارواح رفاقها الابطال الذين اعدموا وغيبوا تحلق حولنا، لنستمد منها العزم على النضال من اجل وطن حر وشعب سعيد.

عرض مقالات: