( 1 )

المناصرة، هو عزالدين المناصرة، الشاعر الفلسطيني المعروف في مشهد الشعر الفلسطيني الحديث، يصطف مع الشعراء: محمود درويش، سميح القاسم، توفيق زياد، احمد دحبور وآخرين في مقدمة هذا المشهد، وله العديد من المجموعات الشعرية، منها: الخروج من البحر الميت، يا عنب الخليل، جفرا، قمر جرش كان حزيناً، كما ان له تحصيلاً اكاديمياً، دكتوراه أدب، وله فيه دراسة مهمة بعنوان (لذة النص).

حضر هذا الشاعر في عام 1986 ندوة شعرية للشاعر الشعبي الكبير/عزيز السماوي/ في الجزائر، مشاركاً في الحديث عن تجربة السماوي. والسماوي، من شعراء التجديد في القصيدة الشعبية العراقية منذ الستينيات، وله لونه واسلوبه الخاصان، وبما يشكل تجربة متفردة، إستثمر فيها الطاقة الأيجابية الكامنة في المفردات الشعبية وتطويعها رمزياً ولونياً مولداً قصيدة وسمت بطابع التشكيل اللغوي/ الصوتي/ اللوني/ الرمزي في مجاميع متعددة (خطوات على الماء – مشتركة مع الشاعرين طارق ياسين وعلي الشباني، أغاني الدرويش، لون الورد والثلج بالليل، النهر الأعمى، بانوراما عراقية).

( 2 )

في تلك الندوة التي كانت بعنوان (عزيز السماوي وجدلية الايقاع واللون في التشكيل الشعري) تحدث المناصرة عن الخصائص الفنية والجمالية في شعره، بكشوفات العارف قائلاً: التشكيل في النص الشعري عند الزميل عزيز السماوي تشكيلاً فنياً، فهو رسام بالكلمات، حيث تتجسد الكتلة والابعاد والمركز والالوان والمنحنيات وبقية العناصر الاخرى ولكن بلغة الشعر المحكي. في شعره يُعيد ديالكتيك الأفعال الداخلية مع المرئيات الخارجية، ففي كتابه الشعر لا يهم العالم الخارجي/ فالكل يعرف: البحر، الشمس، الوردة، القمر، ولكن مهمة الشاعر بالطبع ليس في نقل الواقع الحرفي، ولكن في إعادة تشكيله بروح شعرية.

إن المرئيات عند الشاعر تتزاحم داخل النص اكثر من الافعال الذهنية المجردة. كما تتجسد في شعره الايحاءات الحلمية، الحنان الوحشي الداخلي المجسد في صور والوان ليس بمعانيها المألوفة، بل بخصوصيتها الجديدة، ويستخدم الشاعر ايضاً الافعال بطريقة جديدة بعيدة عن الاستعمال الذهني البلاغي المعهود. ولا بد من التفريق بين الزجل والشعر الشعبي الحديث.

إن قصيدة السماوي قصيدة حديثة بلغتها وصورها، وأنا لا أجد هذه الحداثة عند الشاعر /احمد فؤاد نجم/ الذي يقلد /بيرم التونسي/ في قصائده واغانيه، كما ان لغة /مظفر النواب/ في أشعاره الشعبية تختلف عن لغة عزيز السماوي الاكثر حداثة. انه يصنع تمثاله بمهارة ويخطط له ويعرف أبعاده وشكله.

( 3 )

المناصرة، في هذه الاضاءة الخاطفة، كان قريباً جداً من شعرية عزيز السماوي كما نعرفها نحن (هنا)..، وكذلك قريباً من تحولات الشعر الشعبي العراقي الحديث، والشعر الشعبي العربي عموماً، كما انه (المناصرة) يكتب الشعر الشعبي وله فيه مجموعة بعنوان (يا نايمين تحت الشجر)..، من هنا تكون إضاءته لشعرية السماوي متواشجة مع تشكيله الروحي/ الشعري، تأسيساً وتأصيلاً.

ولأهمية الاضاءة وغيرها من المداخلات التي حصلت في تلك الندوة، فقد أرفقها السماوي في مجموعته (النهر الاعمى) وكذلك في الطبعة الثانية من مجموعته (إغاني الدرويش)..، وبذلك يكون المناصرة في عمق الصورة، الصورة التي طمح بها السماوي، وقد تشكلت في المرايا، مرايا الشعر الشعبي العراقي الحديث. الا انه الموت (الموت لا يشيخ ابداً)..، قد خدش المرآة وتشظت الصورة والمرآة، الا ان حضور /السماوي/ يطالعنا باستمرار بمرايا جديدة...

كل الجروح إتهيم بچفوفك فرح وورود

بس ذاك الجرح

آخ .. انت إتعَرِف ذاك الجرح

عنيد إيعيد ظلام الريح گمرية فرح خضره إو يعود

هايم .. يوّج بالنزف مهره إو رسن مهدود

كل ليله أبات إعله الجرح مشدود

آخ ..

لا ظلمه تضحك بعد

لا .. ولا ليل الديوانيه.. گمرها إيعود

مذعور الشعر درويش عنيد إو ياخذ الظلمه لهب ويزود

عالماي إنكتب إسمه.. عزيز.. إبكل حلم موجود

يهيم الصوت بچفوفه.. إغاني.. إتفز عليهه إنهود

إو يطيح إردود

نزيف إعله الرصيف إو نهر ممدود...

عرض مقالات: