صباح يوم الاثنين 28 حزيران الجاري، وفي مؤتمر صحفي دعي له الصحفيون وأهل الإعلام، في مجلس النواب السويدي، أعلن رئيس الوزراء السويدي Stefan Löfven نقل المسؤولية السياسية الى رئيس البرلمان السويدي الحالي Andreas Norlen من أجل التفاوض مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان السويدي، لإيجاد حل ومخرج للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد حالياً، والتي حدثت نتيجة تصويت عدد من الأحزاب السياسية السويدية في 22 حزيران، تأييدا لمقترح حزب اليسار السويدي بحجب الثقة عن الحكومة الحالية ورئيس وزرائها جراء الإصرار على المضي بقانون تحرير عقود الايجار الذي يخص عمارات السكن والبيوت والشقق التي ستبنى حديثاً، والذي يعني عملياً اطلاق الحرية لمالكي العقارات في تحديد أسعار ايجارات السكن، والتحكم بمصائر أكثر من ثلاثة مليون مواطن سويدي .

 وكان أمام رئيس الوزراء خياران سياسيان لحل الأزمة، وقد اختار الحل الذي قدمه، بديلاً للحل الآخر وهو خيار الانتخابات المبكرة، والذي عبر عن عدم رغبته ورغبة حزبه الاشتراكي الديمقراطي في المضي معه، لأنه سيدخل البلاد في أزمة سياسية غير مضمونة النتائج في ظل أزمة الكورونا الحالية، حسب تعبيره.

ويبدو أن رئيس الوزراء لم يستطع التوصل إلى حلول عملية تجنب البلاد أزمتها، ورغم بذله الجهود في التفاوض مع عدد من الأحزاب السياسية، خلال فترة الأسبوع الذي يمنحه القانون فيها حق العمل والتحرك، خصوصاً مع اصرار حزب الليبراليين ( الشعب سابقاً) على عدم الموافقة على حذف البند المتعلق بتحرير ايجارات السكن من اتفاقية كانون الثاني، وهي الاتفاقية التي تشكلت على إثرها الحكومة بعد انتخابات 2018، والتي ضمت الحزب الاشتراكي الديمقراطي، البيئة، الوسط، الليبراليين، وأيدها بتحفظ حزب اليسار السويدي، ومنعا لتشكل حكومة برجوازية مدعومة من حزب ديمقراطيي السويد ذي النزعة العنصرية المعادية للأجانب.

وفي جوابه على سؤال أحد الصحفيين، عد رئيس الوزراء المستقيل، خياره هذا، بأنه كان الخيار الأصعب الذي اتخذه خلال مجمل حياته السياسية.

حزب اليسار السويدي ومعه حزب البيئة والحزب الاشتراكي الديمقراطي، كانوا قد عبروا عن التأييد لمبادرة حزب الوسط، في الاستعداد للتخلي عن فقرة تحرير عقود الايجارات في اتفاقية كانون الثاني. وبوضوح أكثر فقد عبرت نوشي دادغستار رئيسة حزب اليسار، عن استعداد حزبها لتأييد استمرار رئيس الوزراء الحالي وحكومته، في حال حذف الفقرة المتعلقة بتحرير عقود الإيجار، وهي الفقرة التي كانت السبب في حجب الثقة عن الحكومة الحالية.

حسب لوائح نظام البرلمان السويدي فأن رئيسه ملزم بالتفاوض مع الأحزاب السياسية من أجل ايجاد حل والوضع الذي يضمن تشكيل حكومة جديدة ورئيس وزراء جديد، وعبر أربع محاولات، والتصويت من قبل البرلمان على هذا الخيار، ومن ثم تقديم رئيس الوزراء للحكومة التي يختارها، سواء عبر الابقاء على الحكومة الحالية، أو اختيار وزراء جدد.

وفي حال فشله في المحاولات الأربع، فأن البلاد تمضي في طريق الانتخابات المبكرة، والتي يحدد القانون موعدها بعد ثلاثة أشهر، أو تسعين يومأ من تاريخ الاعلان.

من جانبه صرح رئيس البرلمان الحالي، بأن المدة التي سيستغرقها في التفاوض من أجل ايجاد مخرج للأزمة الحالية، سوف لن يستغرق الكثير من الوقت هذه المرة، مقارنة بما جرى بعد حالة الاستعصاء السياسي التي فرضتها انتخابات عام 2018، والتي أفرزت تقارباً في الأصوات، بين الكتلة الاشتراكية والكتلة اليمينية، وقد مضى وقت طويل استمر لشهور قبل التوصل لحل اتفاقية كانون الثاني في حينها.

الحكومة الحالية المستقيلة ستكون حكومة تصريف أعمال، وستقوم بكامل مهماتها السابقة، وبرئاسة رئيس الوزراء الحالي المستقيل، وحتى توصل رئيس البرلمان لحل يضمن تشكيل الحكومة الجديدة.

استطلاعات الرأي العام في السويد تشير لتقدم التأييد الشعبي لخطوة حزب اليسار السويدي في حجب الثقة عن الحكومة، وتزايد نسبة الثقة في رئيسة الحزب نوشي دادغستار، وأيضا في انضمام أعضاء جدد في صفوف حزب اليسار، لشعورهم بصواب خطوته الأخيرة، والتي تمس قطاعات شعبية من الناس في السويد، من الذين يستأجرون شققاً وبيوتاً للسكن، ويدفعون الكثير من دخولهم كإيجارات لها، والذين تمسهم قضية تحرير ايجارات السكن، وما يترتب عليها..

وهذا التخوف يشترك فيه الكثيرون، خصوصاً بعد التجربة التي حدثت في فنلندا حيث ابتدأوا أولا بالزعم في تحرير عقود ايجارات السكن للشقق والبيوت الجديدة، ثم لتشمل لاحقاً جميع العقارات وبيوت السكن..

عرض مقالات: