طريق الشعب ( خاص)

"الأمسية اليوم عن فناننا المبدع هاني مظهر"..  هكذا أستهل الفنان فيصل لعيبي صاحي تقديمه ضيف المقهى وواصل: " في حديث عن تجربتيه في الرسم التشكيلي الجاد وفي فن الكاريكاتير ..وسيقدم في الأمسية الفنان يوسف الناصر مداخلة تنطوي على وجهة نظره في شغل الفنان مظهر ..وضيفنا لهذا اليوم يمتلك موقعا بين الحداثة وتراث بلادنا عبر الحضارات الخمس التي مرت على وادي الرافدين السومرية والبابلية والأكدية والأشورية والأسلامية لاسيما الفترة العباسية وماقدمه فنانها الواسطي ..ولد هاني عام 1955 في الناصرية وتخرج في معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1976 وغادر الوطن أوائل عام 1979.عمل في المغرب ثم في الكويت في صحف "الرأي العام" و"الأنباء" و"القبس" والآن في "الحياة" في لندن ".

وقبل ان يتحدث الفنان والكاتب يوسف الناصر عن وجهة نظره في شغل الضيف أقترح ان يتم عرض مجموعة من أعماله ولوحاته على الشاشة ليتعرف عليها الحضور وبالتالي سيكون لحديثه معنى.. وفعلا جرى عرض صور للوحات قال عنها الفنان ان ترتيب العرض لم يخضع الى سياقات تاريخية معينة ام موضوعات وانما جرى اختيارها كما اتفق وهي نماذج لأشتغالاته .

وفي تعليقه على صور اعماله قال الفنان هاني ان المواد التي يستخدمها هي الزيت والأكريليك والمائية، لكن أختياره يكون حسب حاجة العمل الفني واكد انه ليس لديه تخطيط مسبق للعمل فهو يمكن ان يبدأ بشيء وينتهي بشيء آخر وهو يساير متطلبات يفرضها عليه العمل، بل احيانا يستجيب للشروط التي يمليها عليه العمل فيعمل على تنفيذها دون تردد.. وأعتذرهاني عن ضعفه في الأرشفة لهذا يعرض اعماله دون سياق معين سواء كان حسب أسبقية رسمها ام موضوعاتها.. ومن لوحاته واحدة قال عنها حين ظهرت على الشاشة انها عن زميله الشهيد الفنان ناجي العلي وهي قراءة فنية له وخاصة رسمه لبطل كاريكارتيراته "حنظله" لكن هاني قال انه تناولها كلوحة مستوحاة من اعمال وروح العلي صديقه وزميله..وعن لوحة اخرى قال عنها انها  من مجموعة أطلق عليها  "حقائق  العاشق أو شجرة العاشق" ..وهي عن علاقة الرجل والمرأة وأكد في القول :"ان هذا الموضوع أثير عندي، وأعود له بين حين وآخر، وعملت معرضا تحت هذا العنوان "شجرة العاشق".

وأشار الفنان الى ان ليس غريبا أن تتعدد لوحات تم عرضها تؤكد على تناوله موضوع العراق الذي كثيرا ما يعود اليه في اعماله وثم عرض مجموعة من لوحاته أطلق عليها مجموعة "الحلاج" وأقام معرضا لها وهي قراءة للحلاج الا انه أكد عدم التزامه بنصه الروحي، انما حاول فيه أستحضار شخصيته وفكره .. وقال عن تسميته لأمسية اليوم "سيرة الغريب": " ان اكثر كلمة فيها توصيف لحالتي هي الغريب ..واعتقد ان قدر الفنان هو غربته وغرابته ..عن مجتمعه وعلاقاته وأعتقد هذا يعود الى نظرته(الفنان) ..الى العين الثالثة التي ذكرها الحلاج".

ثم قال مؤكدا: " اننا كفنانين في العراق لم نتواءم مع الوضع السياسي.. فأنا فنان اختلف فيما يراه الآخر.. ما الغريب في ذلك؟.. عند السياسي هذا لا يمشي فهو في تحليله يقول شيئا و الفنان يقول شيئا مخالفا..المفروض ان يستوعب السياسي هذا ..لكن الذي حصل عكس ذلك .. على الرغم ان من المعروف عن الشيوعيين انهم في العراق تبنوا الثقافة..فمن الممكن اعتبار ان النموذج الأمثل للثقافة كان عندهم .. فهم تبنوها كجزء من رؤية سياسية وليس لأنهم يعملون فضلا على المثقفين ..لكن مع هذا تجد في نقاط عديدة ان السياسي يختلف عن الفنان".

الفنانة المسرحية أحلام عرب قرأت سؤالا وجه الى الفنان مفاده : هل انت تذهب الى خامات مواد اللوحة من دون أفكار  مسبقة؟ وقرأت جوابه الذي كان:" أن ضغط الحالة الأبداعية عندما يحاصرني يبعدني عن كل ما يحيط حولي من مؤثرات ويدفعني الى ترجمته في اللوحة..أنني أترك نفسي على سجيتها وهي تتلقى أشارات وأوامر الحالة ..وأكون من قبل قد تعبأت بالصور والأفكار والألوان وعشت وتعايشت مع حالات متعددة، وعندما تلح عليّ حالة الأبداع فأني لا اقابلها بحالة خالي الوفاض او بذاكرة بيضاء بل أستقبلها واثقا وأتعامل معها كمشروع قابل للتشكل والأحتمالات".

اما مداخلة الفنان يوسف الناصر فحسبما هو قال انها تأتي عبرمتابعته لشغل هاني عبر فترة طويلة خصوصا انه غادر العراق مع هاني في نفس السنة (نهاية عام ٧٨) ووصلا لندن في نفس العام (٩٠) وقال انه عمل معرضا لهاني في عام ١٩٩٩ في الأستوديو الخاص به وانه كتب عنه مقالا نشره في "الحياة" عام ١٩٩١..وكان الهدف من المداخلة هي ألقاء بعض الضوء على طريقة الدخول للوحات هاني ومحاولة الأقتراب من عالمه الداخلي وتقنياته ومعالجاته : " ان جمال لوحاته والوانها وموضوعاتها تغري الأنسان بالتفكير بها وسهولة التواصل معها وامتلاك أسرارها ، تحت فكرة انها سهلة وواضحة الدلالات، لكن ذلك ليس كل الحقيقة..قد يكون خداعا بصريا او عاطفيا ، لا اريد القول ان اللوحة تعرض شيئا وتخفي شيئا آخر مختلف ، أقصد ان ما تعرضه ليس ما نقدر الحصول عليه منها ، بنظرة متعجلة ، هناك مستوى آخر ممكن النفاذ اليه بطريقة أعمق من النظرة السريعة العابرة".

وبعد ذلك ناقش هاني بعض الطروحات حول اعماله، وخاصة ما تناوله الفنان الناصر حين قال :" ان عند بعض الفنانين (موتيفات) تتكرر في بعض لوحاتهم ، عند هاني مثلا هناك (موتيفات) كالمرأة والطير ، لكنها أقل عنده مما عند غيره من الفنانين". اذ قال هاني :" اننا أخذنا من الفنان الآشوري او البابلي (موتيفات) لكن هذا الفنان شاهد في وقته بعين ومعالجة تختلف عن وقتنا نحن ، انه عمل وفق إمكانات تتيحها له بيئته..فمن غير المعقول ان ننقلها عنه ، كما عملها هو ونتعكز عليها ، لذلك صار عندي تحفظا من تكرار (الموتيفات) ولا أنقلها كما هي ، انا أتحاشى فعل هذا ، فأنا لا اريد لمشاهدي لوحتي ان يفعلون مع آخرين،حين يعرفون مسبقا قبل دخولهم لمعرض معين ان الفنان سيرسم كذا موضوع".

شارك الكاتب والناقد فيصل عبد الله الأمسية بأستذكار ماكتبه عن الفنان مظهر فقال:" ان قراءة الفنان يوسف الناصر لاعمال هاني كانت من داخل اللوحة ، ماكتبته انا عن الفنان هو مجرد انطباعات من خارج اللوحة ..قراءاتي كانت تتعلق بمعرض لهاني في الكوفة كاليري في ١٩٩٩ديسمبر وكانت ثيمته الأساسية له مفتبسة من كتاب الطواسين على ما أذكر..للحلاج .. فكتبت عنه ان تعامل هاني مع اللوحة يتواءم مع شروطها الذاتية فهي عندما تكون حية تستبدل جلدها تلقائيا ، وعندما يستقر سطح اللوحة يفسد ، ويؤكد هاني نفسه ان الفنان لا يكتشف فساد لوحته بسهولة ، في الغالب يخدعه الكلام ، الهوية ، والواقعية والتكعيبية ، وكلام على هذا السياق ويضيف انه لم يقصد اتهام الخطاب النظري الذي يرافق الأبداع انما لازمان ولا مكان خاصين للأبداع ..فأنني أرى في الكلام فخا..انما أسعى للخروج منه للصورة التي تكون حاضرة في كل زمان ومكان وليس قابعة في الأرشيف ".

" كل شيء قابل للرسم ، لكن الأساس والمهم في العمل الفني هو كيف نرسم؟ يعني عشرات الرسامين رسموا ملوك بتيجان ، فان كوخ رسم حذاء، فنيا حذاء فان كوخ أفضل من تيجان الملوك ..الموضوع هو للتبرير ، المعالجة هي اللوحة " بهذه الكلمات التي قالها الفنان هاني مظهر ختم حديثه عن الرسم لينتقل بعده عن عمله في مضمار الكاريكاتير فقال فيصل لعيبي مدير الأمسية ان هاني من رسامي الكاريكاتير العرب المميزين وقرأ ما كتبه عنه رسام كاريكاتير عربي مهم هو محي الدين اللباد :" هاني انطوائي ومغترب عن زمانه وهو أيضا خجول ومتواضع ويهاب المديح ويفضل هاني ان يصف مشواره بأنه كان في الصدفة في لندن يقضي عطلة الصيف من عمله في جريدة "الأنباء " الكويتية وقت صادف وقتها أن غزا جيش صدام الكويت وبالصدفة وجد هاني عملا في جريدة "الحياة" وفي مكتب الجريدة وجد في الصدفة جهاز كومبيوتر وعلى شاشته رموز "الفوتوشوب" فأثارت فضوله وبدأ عبثه على الكومبيوتر الذي لم يتركه حتى اليوم " وأضاف فيصل قائلا" حسب معرفتي ان اول فنان عربي يرسم الكاريكاتير مستخدما الكومبيوتر هو فناننا هاني مظهر ومحي الدين اللباد يؤكد هذه الحقيقة ، واعتبر شهادة محي هامة جدا بحق هاني ، فهو رسام وفنان ومثقف مصري من الطراز الأول ". واراد الفنان لعيبي ان يتوسع بوجهة نظره في رسوم مظهر الكاريكاتيرية لكنه أعتذر عن ذلك بسبب ضيق وقت الأمسية لكنه أوجز القول :" ان اعمال هاني سليلة رسومات مسيرة الكاريكاتير العراقي منذ سعاد سليم شقيق جواد وهو رائد هذا النوع الى مصطفى طبرة رسام صحيفة "حبزبوز" والتي كان فائق حسن يرسم فيها أيضا وحافظ الدروبي وعطا صبري كذلك وطبعا غازي العملاق الأول والعجيب ثم بسام وهاني واصحابه مثل مؤيد وعبد الرحيم ياسر وآخرين أغنوا وحدّثّوا رسم الكاريكاتير العراقي ". ودعا فيصل هاني ليتحدث عن حكايته او سفره او مغامرته مع الكاريكاتير.

"للأسف الاعلام العراقي لم يستوعب الكاريكاتير..وهو أصلا وصل لنا وللعرب عموما.. كمنجز من تقاليد الصحافة الأوربية فأخذه العرب كما هو، ولذلك عزلوه عن أصوله " هكذا أبتدأ الفنان هاني مظهر حديثه عن فن الكاريكاتير وأضاف:" انا مقتنع ان الكاريكاتير هو أمتداد للواقعية النقدية ..أذ عرف الكاريكاتير في وقت "كومونة باريس" حيث بدأت صحف باريس، وربما قبل ذلك بقليل، بنشر رسوم "دومييه"  وكانت رسوما نقدية لكن باعتبارها عملا فنيا لذلك في حين نرى ان معظم الكاريكاتيرين العرب يرسمون بدون اهتمام بالصورة ويعتمدون أساسا على الفكرة ..ويهملون التكنيك والتكوين والألوان..الخ ويبدو هذا الأهمال واضحا جدا على الأسلوب الرديء في الرسم...." وعن علاقته بالرسام الشهيد ناجي العلي قال: " عملنا سوية في جريدة " القبس" في الكويت ضمّنا مكتبا واحدا ..وهناك بدأ بتغييرأسلوب عمله الفني وذكرذلك بهاء الدين بخاري في مقال، والعلي رسام كايكاتير معروف يتوفر على مهارات وإمكانيات فطرية وذهنية وعقلية عالية وفطنة على اقتطاف الومضة الكاريكاتيرية وناجي العلي مميز بهذه المواصفات ..لكنه بسبب عدم دراسته للفن التشكيلي كما درسناه نحن اكاديميا ..غفل عن بناء اللوحة الكاريكاتورية وساهم طلال سلمان صاحب "السفير" البيروتية بخطأ جسيم بتقييمه لعمل ناجي حين قال ان ناجي قليل  الاكتراث بالفن ، وهذه جملة مشهورة وتتكرر كلما يذكر ناجي ، طبعا هذه أساءت لناجي ، ويصوروها هذه حسنة، ليس المقصود هنا المطلوب تجميل الرسم الكاريكاتوري او (تزويقه) ولكن يعني ان لا ترسمه بخطوط مهملة ومرسلة، لا بد اذن إيلاء عناية بالفن واهتماما جادا سواء بالكاريكاتير او اللوحة او بأي عمل فني .." وهنا تداخل الفنان يوسف الناصر وقال:" ان أصحاب تلك الطروحات بصدد عمل ناجي ، ربما كانوا يقصدون اهتمامه بالشأن السياسي واخلاصه للقضية الفلسطينية وعدم أيلاءه الجانب الفني كما ينبغي" وافقه هاني على هذا لكنه قال:" نعم هو هذا القصد الذي أسيىء فهمه". وعقب:" ان بهاء الدين بخاري في احدى المقابلات المنشورة معه ، وهو أيضا رسام فلسطيني، ذكر بأن أن ناجي بدأ يغير بعمله الفني عندما ألتقى بالفنان العراقي هاني مظهر..كونه درس الفن أكاديميا..في زيارتي الأخيرة لبغداد أصر عبد الرحيم ياسر على السؤال مني عن صحة ما ذهب اليه بخاري . وأنني كنت اتدخل برسوم ناجي .وهنا أؤكد انني لم أتدخل ولا مرة في رسوم ناجي ..لكن لقاءاتنا وحوارنا الدائم عن اللوحة وتكنيكها ..الخ وكان ناجي يرسم بالأسود والأبيض فقط .. كان يحتاج الواني فيستخدمها ..وهذا في مرات قليلة جدا.. لم أتدخل بخط واحد في رسومه".

وختم هاني حديثه :" اهتمامي بالكاريكاتير يعود الى معرفتي الى أن أصله عملا فنيا ..وهو وليد او الأبن الشرعي للواقعية النقدية في تاريخ الفن وأن أخذه اسمه من أسم فنان ايطالي ..طبعا ، قبل الكومبيوتر كنت استخدم طريقة الرش (السبري ـ الأيربرش ) وهذه طريقة كان يستخدمها اليابانيون " وخلص الى ان :" زمن الكاريكاتير يختلف عن زمن اللوحة فهذه زمنها مفتوح وعليها ان لا تقع في مطب الوقت الراهن فمن مقومات العمل الفني الجيد من بين أمور أخرى ، ان يكون زمن اللوحة مفتوحا..بينما الكاريكاتير يعالج موضوعا ، في الغالب ، آنيا / احداث وقائع مشاهد حالات ..الخ ".

اما الباحث د . نديم  العبد الله، فقد قرأ نصاً  كتبه الكاتب  فاروق يوسف عن الفنان هاني، يقول فيه : "  تجربته المبكرة في الإنتقال من بلد الى آخر تجعل الرسم ضمانته الوحيدة في الحياة ، لذلك عمل هاني مظهر على أن لايبقى الرسم في منأى عن طريقته في التفكير. التفكير في الحياة كما التفكير في الفن وهو ما حصنه بالمعرفة " . واضاف الباحث نديم  بعض الملاحظات التي يراها ضرورية، خاصة فيما يتعلق بأرشفة النتاجات الفنية للمبدعين العراقيين الذين يعيشون في خارج وطنهم، من خلال طبع الكتب والدراسات ونشر الأعمال الفنية ، حفاظاً للذاكرة الجمعية للثقافة العراقية داخلياً وخارجياً

وساهم السينمائي علي رفيق بالأمسية بتقديم أسئلة الى هاني منها:" من خلال متابعتي لأشتغالات مظهر أهتمامه في المقام الأول بالإنسان .. ويردد قول انه يهتم بهذه المسألة وأنه حتى لو رسم شجرة فهو يعني بها الأنسان ..ومسألة أخرى يصرح بها هاني انه لا يهتم باللون ..أنه لا يتعامل مع اللون بشكل مجاني لو كان ما تمليه عليه اللوحة فقط البياض فهو يتركها بيضاء ..فكيف يفسر لنا هاتين المسألتين " أجاب الفنان الضيف عن هاتين المسألتين مؤيدا هذا التشخيص وأوضح مفهومه بأنه يعمل للأنسان وهذه صفة كل الفنانين ..أما تعامله مع اللون فهذا تختاره اللوحة نفسها ..وقرأ علي رفيق أجابة هاني لسؤال في لقاء صحفي أجراه معه الروائي العراقي وارد بدر السالم حول ما يعني له رسم الوجه :" وحسب مظهر فأن الوجه ـ يحمل إمكانية أن تحمله المعاني ، فأنا أتحاشى رسم اللوحةـ الفكرة يعني أن تشرح معنى معينا ألجأ لأن تكون الوجوه بمجموعها حاملة للمشاعر والأحاسيس، ملمس سطح اللوحة هو الذي يشرح اللوحة، الصورة لا تشرح..الوجه عندي لا يختلف عن رسم شباك أو حجر أو بحر، سوى أن للوجه أمكانية لنقل الأحاسيس المختلفة ..ربما أستطيع تفسير ذلك من زاوية نظر أخرى وجوه كثيرة غابت عني في زحمة سنوات المنفى..ربما هنا محاولة لأستحضارها بأي طريقة".

امتازت أمسية المقهى هذا الشهر بحيوية مفردات عنوانها الرئيسي وتفاعل الحضور معها وكعادة المقهى في التشجيع على الحوار بين صاحب موضوع الأمسية وحضورها فقدم الروائي العراقي والمترجم لؤي عبد الأله مقترحا بضرورة طبع نتاج هاني في البوم ليتيح لمتابعي فنه دراسة اعماله بصورة متأنية وأضاف الى تفرد هاني في رسوم كاريكارتيراته عن الآخرين بأعتناءه بالفكرة والتكثيف في الكلمات المستخدمة علاوة على عنايته بالأنشاء والـ(كومبوزيشن – التكوين) .أما الكاتب فيصل عبد الله فتناول موضوعة الرقيب في الصحافة العربية وكيف تحايل عليه هاني ونشر رسومه وهنا اعطى هاني أمثلة كثيرة عن ذلك .. وتساءل نعمان منى المعماري عن المعرض القادم لهاني الذي قال انه يتوق للعرض في بغداد الذي لم يقم بها معرضا فخلال ٣ اشهر يتمنى ان يقيمه مع زملاء آخرين يقيمون في المنفى أولئك الذين وصفهم هاني بالغرباء .. وهنا أقترحت سيدة فلسطينية من القاعة على هاني ان يتحدث المنفيون لهاني حكاياتهم في الغربة ليرسمها وأبدت أستعدادها لأن تساهم في المشروع .

كانت الندوة تبث حيا بواسطة الهاتف الجوال للأعلامي سمير طبلة والذي ختم بثه الذي يتابعه الالاف في الوطن وسائر أرجاء المعمورة بلقاء مع الناقد عدنان حسين أحمد قال فيه عن الأمسية:" تناولت الامسية موضوعات متعددة من وجهة نظري التركيز كان على آلية تلقي العمل الفني في الحقيقة طرح الفنان هاني مظهر مفاتيح تؤدي الى كيفية قراءة العمل الفني .. حقيقة لا يمكن قراءة اللوحة لا من الخارج ولا من الداخل ..أعني بهذه الطريقة .وانما آلية التلقي يجب ان تكون لكل انسان أو متلقي طريقته الخاصة في استقبال العمل الفني ، أي بمعني ان الفنان عندما ينتهي من وضع اللمسات الأخيرة على اللوحة سواء كانت تشكيلية او أي عمل فني آخر فان المتلقي هو الذي يتعاطى مع ذلك العمل ، هو الذي يستقبل دون الحاجة الى العودة للفنان نفسه ..هذا أولا..اذا كان مشاهدا عاديا ولكنه يتوفر على رؤية بصرية مثقفة ومقبولة ، أي بمعنى انه يذهب الى معارض للفن التشكيلي كثيرا..يتردد عليها بكثرة ..أما اذا كان ناقدا فهنا تكمن المشكلة في الحقيقة ..اللوحة رهانها ليس قائما على المضمون وانما على الشكل لأنها خطاب بصري وقراءة الأشكال تختلف عن قراءة المضامين ..فالمشاهد يجب ان يتوفر على خبرة بصرية عالية جدا وعميقة جدا قد تمتد الى سنوات طويلة حتى يتعاطى مع العمل الفني ..اما اذا كان ناقدا فهذا يختلف ، كما أشرنا ، لأن هناك أسرارا وأشياء غامضة في الحقيقة ومضامين حتى لو أدعى الفنان في ان لوحته ليست مضمونية انما تتضمن على عناصر مضمونية كثيرة يجب فك طلاسمها هذا من جهة ولكي لا تكون هذه القراءة النقدية قراءة عرجاء وتنطوي على مشاكل كثيرة لذلك يتوجب ان يكون التواصل بين الناقد الذي هو اقرب من الباحث والدارس الى غيره من الفنان نفسه اما المشاهد العادي الذي يتوفر على خبرة بصرية عالية جدا فلا يحتاج الى هذه الواسطة انما واسطته هي العين والفنان مظهر في الامسية ذكر، وهذا شيئا ذكيا في الحقيقة، ذكر العين الثالثة ..وهذه العين الثالثة هي عين مشاكسة وعين كبيرة وعين ربما ترى الأشياء بطريقة مغايرة تماما .. ولم يذكر الفنان في الأمسية ربما لضيق الوقت بتفصيل رحلاته واقامته لمعارض في اسبانيا واليابان وفي بلدان أخرى وعاش فيها ردحا من الزمن فيها كان غريبا لكنه تعرف على تلك الأمكنة وتعرفوا عليه وربما سيندمج معهم وسوف لم يعد غريبا .