(يستطيعون ان ينزعوا الحياة .. لكنهم لن يطفئوا غنائي) .. لويس اراغون

 الموسيقى... لغة العصر الكونية.. اقترنت منذ النشأة الاولى بالطبيعة وما يدور فيها.. اذ كانت (الاصوات التي تخرجها الطيور الانموذج الاصلي لهذا الفن الروحي..). أما أول الة موسيقية فقد انتجتها الحضارة السومرية وانامل صناعها.. فكشفت عن عمق واصالة الحضارة العربية.. ومع الامتداد الزمني ظلت الموسيقى مرتبطة بالحياة حتى انها  عدت وسيلة فاعلة في الادراك الروحي وفهم عمل الفكر والاحساس العاطفي على النطاق الانساني.. فشكلت لغة التفاهم بين الاجناس البشرية بتخليها وتجاوزها اللون والجنس والمكان والزمان.. مما دعا باهتمام الفلاسفة وعلماء النفس الى الاهتمام بها واكدوا على اهميتها التربوية والنفسية ودليل هذا توظيفها في الافراح والاحزان والاعياد وبيوت العبادة.. حتى ان اليونانيين اوقفوا اكثر البرامج التربوية عليها فغدت(اول مهذب للخلق) على حد تعبير ارسطو الذي قسم الالحان الى:

1ـ لحن تثقيفي (يؤثر على الحواس الاخلاقية)

2ـ لحن عملي (يثير النشاطات)

3ـ لحن حماسي (يثير الطرب)

 أما حاضر الموسيقى فاتسعت مجالاته واخذ يدرس في المعاهد والكليات ومدارس الموسيقى والباليه...وكان من نتيجة هذا بروز الكثير من الملحنين كان من ضمنهم كوكب حمزة الذي يشكل احد اعمدة التجديد الموسيقي..لذا فالحديث عن ملامح الاغنية العراقية  يستوجب بالضرورة التوقف عند الضربات اللحنية التي اجاد بها فاستفزت وحركت الذاكرة الجمعية المستهلكة بحكم  التنوع في الاشكال اللحنية المازجة ما بين التراث والمعاصرة.. فضلا عن دوره في تطوير الانشودة الوطنية التي تكشف عن مواقفه المبدئية والحانه الوطنية المنفتحة على الفضاءات الكونية ..كما في:انشودته التي كتب كلماتها الشاعر عريان السيد خلف:

يطفال كل العالم يا حلوين

يطفال تشيلي الثايرة وفلسطين

رادت امريكا تبوك كل جلماتكم..ما تكدر

رادت الظلمة تطفي كل بسماتكم ...ما تكدر

ما تكدر الظلمة تسد كل الروازين

حلوين لو كل ما يطول الليل حلوين

فضلا عن تفرده في التجديد اللحني بحكم دراساته الموسيقية المنطلقة من معهد الفنون الجميلة فمعهد الدراسات الموسيقية فاذربيجان التي اضافت الى خزينه الفكري اضافات خلاقة انعكست على منجزه الموسيقي الذي صار جزءاً من الذاكرة الجمعية والوجدان الشعبي والانساني.. كما في اغنيته (ياطيور الطايرة) التي هي من كلمات زهير الدجيلي..

ياطيور الطايرة مري بهلي

 ياشمسنه الدايرة ضوي الهلي

سلميلي وغني بحجاياتنه

سلميلي وضوي بولاياتنه

وهناك (الكنطرة بعيدة) و(محطات)..التي تكشف عن انتقالاته ابتداء من العراق 1974.. مرورا بكردستان وسوريا وجيكوسلوفاكيا فالاتحاد السوفيتي فالمغرب العربي والتزود المعرفي الموسيقي فالقاهرة وتقديم الحانه لأسما منور التي غنت له (دموع ايزيس) التي هي من كلمات احمد فؤاد نجم والحانه منها:

المية قالت للبساط السندسي غنوة حنين

واستأنفت نفس السفر

يازرع اخضر..انت ليه واقف حزين؟

افرح وصحصح

واستحمي بالقمر

وانتهاء بالدنمارك والاستقرار في كوبنهاغن..

ـ كوكب حمزة الذي يعي جيدا ان الاغنية العراقية قد اصابها الاختناق فمنحها من الحانه اوكسجينا مضافا بدراسته الفلكلور الذي اضفى على الحانه تلاقحا فنيا نتيجة الممازجة بين الحداثة والامتداد التاريخي التراثي كما في (يانجمة) التي تفرد لحنها وجمع ما بين الفلكلور والموشح ..

نظراته ويه الجفن باتن يوان هوى

جلماته هودج عرس..فرحه ومراود هوى

ضحكاته نسمة صبح تتلاعب ويه الهوى

طيبة وفه ياترف كل المحاسن حوى

ـ كوكب حمزة الذي هجر التلحين ورمى عوده جانبا لثماني سنين احتجاجا على ما اصاب البلد من خراب نتيجة الخريف العربي ورجال سياسة الصدفة...الا انه ينتفض من جديد كطائر الفينيق ويمسك آلته بعد ان قرأ نص الشاعرة السورية ديما قاسم الذي استفزه وحرك ذاكرته واضطره الى تلحينه لحنا بمستواه الجمالي والفني او يفوقه.. وتحقق ذلك فصار انشودة على الشفاه..

عرض مقالات: