السياسات الخاطئة التي تبنّتها الحكومات المتعاقبة على السلطة، خلال السنوات التي أعقبت التغيير في عام 2003 ، أدت الى تراجع القطاع الزراعي، هذا القطاع الذي يعتبر من أهم القطاعات في الاقتصاد، بل يعتبر القطاع الأول لدوره كقاعدة أساسية في توفير ألأمن الغذائي للسكان، وضمان لمعيشة الأجيال القادمة، ومن هنا يفترض الاهتمام به، ومعالجة مشاكله، وتنميته بالمستوى الذي يتوازن مع أهميته، ودوره في تطور البلد اقتصاديا واجتماعيا، وبما إن الفلاح هو الذي يقوم بعملية الإنتاج الزراعي، لذلك يتأثر الإنتاج الزراعي إلى حد بعيد بحالة الفلاح، من خلال وضعه المعيشي والصحي والتعليمي، وقد اتسمت حالته الاجتماعية والاقتصادية بالتردي وشيوع حالة الفقر والجهل والمرض منذ العهود الغابرة، رغم صدور قوانين للإصلاح الزراعي لكنها لم تقترن بتطبيق نظام متكامل يعالج القضية الزراعية ، ومشاكلها الإدارية والتمويلية والتسويقية ويساعد الفلاح على استخدام الوسائل الحديثة في الإنتاج الزراعي ، ولم يقتصر الأمر بعدم دعم الفلاح ، بل أصبحت ظاهرة عدم تسديد مستحقات الفلاح التي يستحقها ، من خلال تجهيز الدولة بالمحاصيل الاستراتيجية التي يزرعها مثل الحنطة والشعير والشلب (الرز ) والذرة الصفراء في كل موسم زراعي ، وأخذت تتأخر هذه المستحقات إلى أكثر من عام ، مما جعل الفلاح والمزارع في حرج أمام التزاماته في تسديد ديون المصرف الزراعي ، والمكاتب الزراعية والحاصدات والمكائن الزراعية التي تعمل خلال الموسم الزراعي ، وأدى ذلك إلى ترك الزراعة من قبل الكثير من الفلاحين ، والهجرة نحو المدن لتامين حياتهم المعيشية ، وبالمقابل خرج الفلاحون بتظاهرات عديدة طالبوا فيها بحقوقهم المشروعة ، التي ضمنتها لهم قوانين الإصلاح الزراعي الحالية، أو المطالبة بدعم الدولة للمستلزمات الزراعية ، وحماية المنتج المحلي والحصول على مستحقاتهم المالية، وكل هذا الذي أصاب الفلاح جاء نتيجة النظام الاقتصادي المتخبط الذي وضعته العملية السياسة الطائفية والأثنية ، والذي أدركته الحركة الاحتجاجية الجماهيرية، وشريحة الفلاحين جزء لا يتجزأ من الحركة الاحتجاجية ، التي تنادي بالتغيير والذي يصبوا إليه ( تحالف سائرون ) وهو تغيير العملية السياسية من دولة المكونات إلى دولة المواطنة ، ومغادرة المحاصصة الطائفية ، وتغيير نهج الحكم باتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية بكل أوجهها، وضمان حقوق كل شرائح المجتمع العراقي.

عرض مقالات: